الزواج الثاني يمثل في المنظومة القانونية والاجتماعية نقطة تحول جذرية تتطلب موازنة دقيقة بين الحقوق والواجبات، إذ لا يمنح القانون الحق للزوجة في طلب الفرقة لمجرد اقتران زوجها بأخرى، بل يستلزم الأمر إثبات وقوع ضرر حقيقي مادي أو معنوي يجعل من استمرار العشرة بين الطرفين أمراً مستحيلاً ومؤذياً للنفس والكرامة؛ مما يفتح الباب أمام القضاء لتقدير جسامة تلك الأضرار بناء على الوقائع المقدمة.
الضوابط القانونية المرتبطة بحالات الزواج الثاني
منح المشرع الزوجة حقاً شرعياً في طلب التطليق إذا تزوج زوجها بأخرى دون رضاها، شريطة أن تتقدم بهذا الطلب خلال عام واحد من تاريخ علمها اليقيني بهذا الزواج؛ حيث تهدف هذه المهلة إلى استقرار المراكز القانونية ومنع استخدام هذا الحق كوسيلة للانتقام بعد مرور سنوات طويلة، كما أن القانون ألزم الزوج بضرورة إخطار الزوجة الأولى رسمياً، وفي حال تعمد إخفاء الأمر أو تقديم بيانات خاطئة عن عنوانها، فإنه يعرض نفسه لعقوبات قانونية بجانب منحها الحق في الانفصال نتيجة الضرر الناتج عن الغش والتدليس.
كيف تبرهن الزوجة على تضررها من الزواج الثاني؟
يعتمد القضاء في أحكامه على مجموعة من الشواهد التي تؤكد أن الزواج الثاني أدى إلى خلل لا يمكن إصلاحه في كيان الأسرة، وتتعدد أشكال هذا الضرر لتشمل الجوانب التالية:
- إهمال الزوج لواجبات الإنفاق على الزوجة الأولى وأبنائها بشكل ملحوظ.
- هجر فراش الزوجية لفترات طويلة تؤدي إلى استيحاش الزوجة.
- توجيه الإهانات اللفظية أو الاعتداء الجسدي الذي يتزامن مع الزيجة الجديدة.
- التقصير في الرعاية الصحية أو الاجتماعية للأبناء نتيجة الانشغال بالأسرة الأخرى.
- تعمد الزوج إظهار عدم العدل والمساواة بين الزوجتين بما يمس كرامة الأولى.
معايير الحكم في دعاوى الزواج الثاني
تتفاوت الأحكام القضائية بناءً على معطيات كل قضية، حيث تستند المحاكم إلى وثائق وبيانات محددة تقرر من خلالها أحقية الزوجة في نيل حكم التطليق للضرر، ويوضح الجدول التالي بعض الجوانب الأساسية التي يتم النظر فيها خلال سير القضايا:
| المعيار القانوني | التفاصيل المتبعة |
|---|---|
| مدة المطالبة | يجب رفع الدعوى خلال 12 شهراً من العلم بالزواج. |
| نوع الضرر | قد يكون أدبياً كالإهانة أو مادياً كنقص النفقة. |
| طرق الإثبات | تعتمد على شهادة الشهود، سجلات الشرطة، أو التحريات. |
تستقر الأحكام في نزاعات محاكم الأسرة على أن الزوجة التي تقيم دعواها بسبب الزواج الثاني لا بد أن تقدم دليلاً ملموساً يتجاوز مجرد الشعور بالغيرة الإنسانية الطبيعية؛ لأن الهدف من نصوص القانون هو حماية الكيان الأسري من الانهيار وضمان عدم ضياع حقوق الزوجات عند حدوث أي مستجدات تطرأ على شكل العلاقة الزوجية القائمة.