تخطي إلى المحتوى الرئيسي

شراكة استراتيجية شاملة.. مصر وأوروبا تضعان خارطة طريق جديدة لتعزيز التعاون المشترك

شراكة استراتيجية شاملة.. مصر وأوروبا تضعان خارطة طريق جديدة لتعزيز التعاون المشترك
A A

السياسة الخارجية المصرية في العصر الحديث ترتكز على رؤية واضحة تهدف إلى صياغة علاقات دولية متوازنة تعزز من مكانة الدولة في المحيط الإقليمي والدولي؛ حيث أشار كتاب الاتزان الاستراتيجي الصادر عن وزارة الخارجية إلى تحول جذري في طبيعة الروابط التي تجمع بين القاهرة والعواصم الأوروبية، وهو ما يعكس رغبة القيادة في الانتقال من مجرد الجوار الجغرافي إلى بناء شراكات مؤسسية قوية قائمة على الندية وتبادل المصالح الحيوية.

تاريخية الاتزان الاستراتيجي وأثره على الشراكة

تضرب الجذور التاريخية للعلاقات بين مصر والقارة الأوروبية في عمق الزمن؛ فالموقع الجغرافي الفريد لمصر جعلها دائما حلقة الوصل غير القابلة للاستبدال بين الشرق والغرب، وقد تغير مفهوم الاتزان الاستراتيجي ليشمل القدرة على تنويع التحالفات وتجاوز الأطر التقليدية التي كانت تحكم هذا التعاون قديما؛ فمنذ عام 2013 انطلقت الحكومة المصرية في رحلة دبلوماسية مكثفة لشرح حقيقة التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد، مما مهد الطريق لفتح حوارات جادة ومسؤولة مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي لضمان فهم أعمق للرؤية الوطنية المصرية الجديدة.

تطوير سياسة الجوار ضمن رؤية الاتزان الاستراتيجي

نجحت الخارجية المصرية في قيادة عملية تشاورية أدت إلى إعادة صياغة سياسة الجوار الأوروبي بما يتوافق مع الخصوصية الوطنية؛ حيث تم التخلص من المشروطات السابقة التي لم تكن تراعي تباين الظروف بين الدول، وقد تجلى نجاح مبدأ الاتزان الاستراتيجي في اعتماد وثائق أولويات المشاركة المتعددة التي مثلت نقلة نوعية في التنسيق الأمني والسياسي والاقتصادي، ويمكن رصد ملامح هذا التطور من خلال النقاط التالية:

  • تجاوز مبدأ المزيد من أجل المزيد الذي كان يفرض قيودا معينة.
  • إرساء قواعد المساءلة المشتركة واحترام الالتزامات المتبادلة بين الطرفين.
  • اعتماد وثيقة مشاركة شاملة تغطي الفترة من عام 2021 وحتى عام 2027.
  • التحول نحو الشراكة الاستراتيجية الشاملة والمعلنة رسميا في مطلع عام 2024.
  • عقد قمم دورية على المستوى الرئاسي لمتابعة الملفات المشتركة بانتظام.

تأثير الاتزان الاستراتيجي على التعاون الاقتصادي

يمثل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للدولة المصرية، وهو ما يعكس القيمة العملية لتطبيق مفهوم الاتزان الاستراتيجي في الملفات التنموية؛ إذ ساهمت الزيارات رفيعة المستوى واللقاءات الدولية في تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتوسيع قاعدة التبادل التجاري الذي شهد نموا ملحوظا خلال العقد الأخير، ويوضح الجدول التالي بعض تفاصيل هذا التعاون الاقتصادي البارز:

المجال التفاصيل والنتائج
حجم التبادل التجاري ارتفع من 23 مليار يورو إلى 32.5 مليار يورو.
إجمالي الاستثمارات بلغت نحو 27.6 مليار يورو وفقا لإحصاءات عام 2022.
أهم الصادرات المصرية الوقود، المنتجات التعدينية، الكيماويات، والسلع الزراعية.
حزمة الدعم المالي تخصيص 7.4 مليار يورو لدعم الاستقرار والنمو الاقتصادي.

الدبلوماسية القائمة على الاتزان الاستراتيجي تمكنت من تحويل التحديات الإقليمية إلى فرص للتعاون الحقيقي؛ فالتنسيق في قضايا الطاقة والهجرة غير الشرعية والأزمات الدولية جعل من مصر ركيزة أساسية للأمن الأوروبي، وهذا الزخم الدبلوماسي المستمر يضمن استدامة المصالح الوطنية في ظل عالم يموج بالمتغيرات الضاغطة التي تتطلب مرونة وحكمة في اتخاذ القرار السيادي.

مشاركة: