جنازة المخرج داوود عبد السيد شهدت حضورًا واسعًا من نجوم الفن الذين حرصوا على إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثمان الراحل؛ حيث تصدرت المشهد النجمات ليلى علوي وإلهام شاهين وبسمة وسط أجواء سادها الحزن العميق تأثرًا بفقدان قامة سينمائية استثنائية قدمت الكثير للفن المصري والعربي؛ لتنتهي بذلك رحلة مبدع أثرى الوجدان الإنساني بصور واقعية لن تنسى.
تأثير رحيل المخرج داوود عبد السيد على الوسط الفني
غيب الموت المخرج داوود عبد السيد بعد صراع مرير مع المرض عن عمر ناهز تسعة وسبعين عامًا؛ وقد ودع عالمنا بهدوء في منزله كما كان يتمنى دائمًا بعيدًا عن صخب المستشفيات؛ ويعد الفقيد ركيزة أساسية في تاريخ السينما المصرية المعاصرة لما تميزت به أفلامه من قدرة فائقة على رصد أدق تفاصيل الواقع المعيش؛ إذ كانت أعماله تتجاوز حدود العرض السينمائي لتصبح وثائق إنسانية تبحث في عمق الشخصية المصرية وتجلياتها المختلفة؛ وهو ما جعل التواجد في جنازة المخرج داوود عبد السيد واجبًا مهنيًا وإنسانيًا للكثير من زملائه وتلاميذه في الوسط الفني والسينمائي.
أهمية أعمال المخرج داوود عبد السيد في تاريخ السينما
تميزت فلسفة الإخراج لدى المخرج داوود عبد السيد بخلق شخصيات نابضة بالحياة تشبه الناس في الشوارع والأزقة؛ فكانت أفلامه تأخذ المشاهد في جولات بصرية وفكرية داخل الأحياء الشعبية المصرية بأسلوب يمزج بين الواقعية والحميمية؛ ولم يكتفِ الفقيد بتقديم القصص العادية بل طرح تساؤلات وجودية وأخلاقية شائكة تتعلق بالحرية والهوية والعدالة الاجتماعية؛ وقد تضمنت مسيرته الحافلة مجموعة من المحطات التي توضح تنوع عبقريته:
- فيلم الصعاليك الذي نال عنه جائزة العمل الأول في مهرجان أسوان الأكاديمي.
- فيلم البحث عن سيد مرزوق الذي استعرض فيه رؤية فلسفية مغايرة.
- فيلم مواطن ومخبر وحرامي الذي ناقش صراع الطبقات بجرأة اجتماعية.
- فيلم سارق الفرح الذي غاص في أعماق العشوائيات برؤية فنية راقية.
- فيلم قدرات غير عادية كآخر محطاته في السينما الروائية الطويلة.
التقدير الدولي والجوائز التي نالها المخرج داوود عبد السيد
لم يكن المخرج داوود عبد السيد مخرجًا محليًا فحسب بل حظي بتقدير دولي ونقدي كبير بفضل رؤيته السينمائية المتفردة؛ فقد توجت أعماله بجوائز مرموقة من مهرجانات عريقة في مصر والوطن العربي؛ والجدول التالي يستعرض أبرز تلك التكريمات التي زينت مشواره المهني قبل الرحيل:
| الفيلم | أبرز الجوائز والتصنيفات |
|---|---|
| أرض الخوف | الهرم الفضي من مهرجان القاهرة وجائزة السيناريو بالبحرين. | ضمن قائمة أهم 100 فيلم عربي وتكريمات دولية متعددة. |
| رسائل البحر | جائزة أحسن فيلم واختياره ضمن القوائم الذهبية للسينما. |
وقد سجل التاريخ السينمائي اسم المخرج داوود عبد السيد بأحرف من نور كونه صاحب مدرسة الحوار الذهني والمكاني؛ حيث اختار مهرجان دبي السينمائي ثلاثة من أفلامه لتكون ضمن أعظم ما أنتجته السينما العربية على مر العصور؛ وهو ما يفسر تلك الحالة من الوفاء التي ظهرت خلال تشييع المخرج داوود عبد السيد لمثواه الأخير.
ترك الراحل إرثًا سينمائيًا يتخطى مجرد الأفلام إلى كونه نهجًا فكريًا يعلم الأجيال كيفية قراءة المجتمع من خلال الكاميرا؛ فبرغم رحيله الجسدي تظل تساؤلاته السينمائية باقية تثير النقاش والتحليل في المحافل كافة؛ ليبقى أثره خالدًا في قلوب محبي السينما الحقيقية وصناعها المهتمين بقضايا الإنسان والوطن.