تخطي إلى المحتوى الرئيسي

تحفة معمارية تاريخية.. أسرار قصر البطحة على سفح الجبل الغربي بنجع حمادي

تحفة معمارية تاريخية.. أسرار قصر البطحة على سفح الجبل الغربي بنجع حمادي
A A

قرية البطحة هي تلك الحاضرة القابعة على سفح الجبل الغربي بمركز نجع حمادي، حيث تتراكم فوق ترابها طبقات زمنية وعصور تاريخية بدأت منذ ما قبل الأسرات واستمرت حتى فجر العصر الحديث؛ لتروي حكايات من العمارة الشعبية الأصيلة والبطولات التي خاضها أبناؤها ضد الظلم والاستبداد في حقبات متفرقة.

المكانة الجغرافية التاريخية لصالح قرية البطحة

تربعت هذه المنطقة في حاجر الجبل الغربي مشكلة نقطة ارتكاز حيوية على طريق القوافل الشهير المعروف بدرب الأربعين، وقد ورد ذكرها في المخطوطات القديمة كأحد مراكز الاستراحة الرئيسية وتجمع المسافرين قبل الانطلاق في رحلاتهم الصحراوية الكبرى؛ حيث كان يطلق عليها قديماً اسم البطحاء قبل أن يتحور اللفظ في الألسنة الشعبية ليصبح قرية البطحة، وهذا الموقع الاستراتيجي جعلها مطمعاً للسكن وممراً للتجارة والتبادل الثقافي عبر القرون الماضية.

الاكتشافات الأثرية في تخوم قرية البطحة

يؤكد المتخصصون في علوم الآثار أن القرية الحالية قد شُيدت فوق جبانات عريقة تعود إلى العصور الحجرية والفرعونية، وهذا الارتباط الجذري يتجسد في تلك الشواهد التي توضح النقاط التالية:

  • تحتضن الأرض تحت منازلنا مقابر يعتقد أنها تعود إلى قرون جاهلية قديمة.
  • أسفرت بؤر التنقيب في عام 1936 عن كشف مقبرة من عصر ما قبل الأسرات.
  • توجد مقتنيات ثمينة مستخرجة من محيط المنطقة محفوظة في المتحف المصري.
  • تشير الدراسات إلى وجود امتدادات أثرية لم تُكتشف بالكامل بعد في جهة الشمال.
  • يمتد الأثر التاريخي ليشمل مساحات شاسعة تربط القرية بالمناطق الجبلية المجاورة.

توثيق قرية البطحة في الخرائط العالمية

لم تغفل البعثات الأجنبية ولا الإدارات الحكومية عن أهمية هذه البقعة، فقد ظهرت قرية البطحة بوضوح في الخرائط التي رسمها العلماء الفرنسيون تحت مسمى تقني دقيق، كما رصدتها خرائط المساحة المخصصة لخطوط السكك الحديدية التي كانت تنقل أحجار الجير من الجبل لدعم قطاع الصناعة في المنطقة؛ مما يعزز من قيمتها كمركز اقتصادي ولوجستي في صعيد مصر قديماً.

المصدر والوثيقة الأهمية التاريخية
الخرائط الفرنسية 1898 تثبيت مواقع مضارب القبائل وتحديد الحدود الجغرافية.
سجلات شركة السكر توثيق حركة السكك الحديدية التي تمر عبر الجبل الغربي.
وثائق عام 1868 حصر حركة الهجرة وتغيير الإقامة بعد الأحداث السياسية.

الصمود الشعبي المرتبط بكيان قرية البطحة

ارتبط اسم المكان بالثورات الشعبية ضد الظلم في عهد الخديوي إسماعيل، حيث شاركت قرية البطحة في انتفاضة الشيخ الطيب احتجاجاً على الضرائب الباهظة، وقد شهدت أراضيها مواجهة عسكرية عنيفة عُرفت بحرب الصنجق، أدت إلى تدمير أجزاء واسعة من نسيجها العمراني وتشتت بعض عائلاتها؛ وهو ما يفسر التخطيط الحالي المكون من كتل سكنية اندمجت لاحقاً لتشكل هذا النمط المعماري الفريد بشوارعه الضيقة التي تحاكي عراقة المدن التاريخية الكبرى في صعيدنا المصري.

تجسد هذه البقعة الجبلية ذاكرة حية تختزل الصمود الإنساني والتنوع الثقافي، فمن ممرات درب الأربعين إلى الحفائر الأثرية التي تروي قصص الأقدمين، تظل قائمة كشاهد عيان على تحولات كبرى، وتمنح الباحثين مادة خصبة لفهم كيف تشكلت ملامح المجتمع في نجع حمادي عبر العصور المتلاحقة والمواقف التاريخية الفاصلة.

مشاركة: