القمص بطرس الجبلاوي يجسد في الذاكرة المصرية نموذجًا فريدًا للشخصية الوطنية التي تجاوزت حدود العمل الديني لتنخرط في صفوف النضال الشعبي؛ حيث ارتبط اسمه بمدينة بورسعيد الباسلة وتاريخها العريق في مواجهة القوى الاستعمارية خلال معركة الاستنزاف والعدوان الثلاثي عام 1956م؛ ليشكل حالة استثنائية من التلاحم بين نسيج الأمة وكنيستها في الدفاع عن الأرض.
المكانة التاريخية التي حظي بها القمص بطرس الجبلاوي
لم يكن الراحل مجرد كاهن يؤدي طقوسه داخل دور العبادة؛ بل تحول بفضل مواقفه الشجاعة إلى أيقونة حية في شوارع بورسعيد وبين عائلاتها المسلمة والمسيحية على حد سواء؛ إذ يعود الفضل في هذا التقدير الشعبي الواسع إلى الدور البطولي الذي لعبه القمص بطرس الجبلاوي حين صعد منبر المسجد العباسي محفزًا الجماهير على الصمود وبث روح الفداء في نفوس المقاتلين من أبناء المدينة؛ وهو ما جعل منه ركيزة أساسية في تشكيل الهوية الوطنية القتالية التي ميزت بورسعيد في تلك الحقبة الحرجة من تاريخ مصر المعاصر؛ مما عزز فكرة أن الدفاع عن الوطن عقيدة لا تفرق بين المذاهب.
انخراط القمص بطرس الجبلاوي في العمل المسلح
تجاوز هذا الرجل حدود الوعظ والإرشاد ليصل إلى مرحلة المشاركة الميدانية في التصدي للعدو البريطاني والفرنسي؛ حيث كان القمص بطرس الجبلاوي من القلائل الذين حملوا السلاح فعليًا وامتلكوا بطاقة رسمية تفيد بالانضمام للمقاومة الشعبية للدفاع عن المدينة القناة؛ وتظهر الوثائق التاريخية ملامح هذا العطاء الذي استمر لعقود طويلة شملت النقاط التالية:
- الميلاد في عام 1932 والسيامة كاهنًا في ريعان شبابه بمدينة بورسعيد.
- تأسيس أول حركة كشفية مصرية تابعة للكنيسة تهدف لغرس القيم الوطنية.
- العمل كعضو فاعل في مجلس حرب بورسعيد بقرار جمهوري من الرئيس أنور السادات.
- الاستمرار في خدمة المجتمع والعمل الكنسي لفترة تجاوزت خمسة وسبعين عامًا.
- التمثيل المشرف لمصر في المحافل الدولية حتى رحيله في عام 2025.
تأثير القمص بطرس الجبلاوي على الروح المعنوية
ساهمت هذه الشخصية بفاعلية في تغيير مسار الأحداث الميدانية من خلال التنسيق بين القيادات العسكرية وبين المتطوعين من المدنيين؛ فكان القمص بطرس الجبلاوي حلقة الوصل التي تضمن توزيع المؤن ونقل الرسائل وتوفير الملاذات الآمنة للفدائيين؛ وبفضل هذا التكاتف الذي قاده مع رموز المدينة نجحت مصر في كسر شوكة القوى العظمى وإجبارها على الانسحاب في الثالث والعشرين من ديسمبر؛ ليسجل التاريخ أن صمود القمص بطرس الجبلاوي ورفاقه كان السبب المباشر في تحويل هذا اليوم إلى عيد قومي يحتفل به المصريون سنويًا تأكيدًا على سيادة الدولة على قناة السويس واستقلال قرارها الوطني.
| الحدث | التفاصيل التاريخية |
|---|---|
| ذكرى النصر | انسحاب القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد عام 1956. |
| موقف القمص بطرس الجبلاوي | إلقاء الخطب الوطنية من منبر المسجد العباسي ببورسعيد. |
| التكريم الرسمي | تعيينه عضوًا في مجلس حرب المدينة تقديرًا لجهوده الميدانية. |
عاش هذا الرمز عمرًا طويلاً مخلصًا لقضيته ومحبًا لأرضه؛ حتى وافته المنية في الخارج ليعود جسده محمولاً على أعناق مئات المشيعين في جنازة مهيبة تليق بمقامه؛ لتظل سيرة القمص بطرس الجبلاوي خالدة ترويها الأجيال عن رجل دين حمل السلاح في يده والمحبة في قلبه؛ ليصون لوطنه كرامته وحريته المسلوبة.