أبو فيس في الميثولوجيا المصرية القديمة يمثل رمزًا قويًا للشر والفوضى، حيث أشارت وكالة ناسا إلى هذا الاسم عند إطلاقه على المذنب الجبار المكتشف عام 2004 الذي يثير قلقًا بسبب احتمال تصادمه مع الأرض، وهو اسم يحمل دلالات عميقة في التراث المصري القديم، فقد قُدم «أبوفيس» كثعبان عملاق يهاجم كل ليلة سفينة إله الشمس «رع» لمنع الشروق وإغراق العالم في ظلام مستمر.
تعريف أبو فيس المصري ودوره في الأساطير القديمة
يرمز أبو فيس في الميثولوجيا المصرية القديمة إلى قوى الظلام والفوضى، التي تتجسد في هيئة ثعبان ضخم يترصد الإله «رع» عند عبوره أفق السماء على مركبه المقدس، في معركة مستمرة بين الخير والشر؛ فضلاً عن قدرته التدميرية التي تشمل إثارة الزلازل والعواصف ورعد السماء، وعندما ينجح في ابتلاع قرص الشمس، تتجلى ظاهرة الكسوف، ولكن تدخل الحراس المرافقين لـ«رع» بقطع رأسه يعيد التوازن والنور للعالم، وفقًا لما ورد في «موسوعة مصر القديمة» لسليم حسن. وقد امتد تأثير هذا الرمز إلى السياسة في مصر القديمة حينما أطلق اسم «أبو فيس» على ملك الهكسوس كناية عن الشر المطلق، إذ اعتبر الكهنة طقوس إحراق تماثيله السحرية وسيلة حماية للحفاظ على البلاد من شره خلال فترة زمنية محددة، إلى جانب الصلوات اليومية التي تهدف لمنع أذاه المستمر.
الصور الرمزية المتعددة لأبي فيس في الفكر المصري القديم
تعددت الصور التعبيرية التي نظمها المصري القديم ليجسد أبو فيس؛ حيث برز غالبًا كثعبان ضخم يحيط بنفسه بحلقات تعبر عن قوته الخطيرة وتربصه الدائم، فيما تبدلت في مناسبات لتأخذ شكل سحلية أو تمساح مخيفين، حتى وصل تصويره إلى الهيئة الأسطورية للتنين الذي يعبر عن فوضوية قوى الشر المتغيرة والمفترسة، كما حرص الفن المصري على تصوير لحظات هزيمته بوضوح من خلال رسوم المعابد التي تُظهر أبو فيس مهزومًا ومقطوع الرأس على يد آلهة الخير وأرواحهم الأمينة، لتجسد رمزيًا انتصار نظام «ماعت» الكوني على الفوضى والدمار.
الطقوس والدور الرمزي لأبي فيس في حماية مصر القديمة
لم يقتصر دور أبو فيس على كونه عدوًا أسطوريًا وحسب، بل أُدخل في نظام ديني حيوي إذ أقام الكهنة طقوسًا سنوية خاصة لمواجهة شره، عبر إحراق مجسماته لضمان حماية البلاد لمدة شهر إضافي، يتزامن ذلك مع ممارسات دينية يومية تهدف إلى درء شروره ومنع تأثيره الضار على الناس والعالمين، مما يوضح كيفية تعزيز رمزية أبو فيس في وجه قوى الشر داخل الوعي المصري القديم، ويمكن تلخيص ممارسات مواجهة شر أبو فيس فيما يلي:
- إحراق تماثيله السنوي كطابع وقائي لتحصين البلاد
- الصلاة الكهنوتية اليومية المستمرة للحفاظ على النظام
- تمثيل انتصارات الإله رع وحراس مركبه على أبو فيس في جدران المعابد
يظل المذنب الذي أطلقت عليه وكالة ناسا اسم أبو فيس، يحمل إرثًا أسطوريًا يعيد إلى الأذهان المعارك النارية والرموز العميقة لفكرة الصراع الكوني بين النور والظلام التي شكلت جزءًا لا يتجزأ من الفكر المصري القديم، وقد تجسد هذا الصراع في مظاهر فنية وتقليدية تحكي قصة انتصار النظام الكوني على الفوضى التي جسدها هذا الكائن الأسطوري الشرير.