العبث الرقمي هو المصطلح الذي استقر عليه قاموس ميريام ويبستر ليكون كلمة العام الجديد؛ وذلك نظراً للحضور الطاغي لهذه الظاهرة في الفضاء الإلكتروني الذي أصبح يغرق بمواد غير موثوقة؛ حيث يعبر هذا المفهوم عن التحديات التي تواجه جودة المعلومات في ظل الاعتماد المفرط على الأدوات التقنية الحديثة.
ماهية العبث الرقمي في الفضاء الإلكتروني
يشير المفهوم تقنياً إلى تلك المواد الرقمية الهزيلة التي تُنتج آلياً دون أدنى معايير للجودة؛ حيث يتم رصد هذه الظاهرة عبر ركام من النصوص والصور التي تفتقر إلى الحس البشري أو التدقيق الموضوعي؛ مما يجعل العبث الرقمي بمثابة تلوث للمحتوى المعرفي نتيجة السعي خلف الانتشار الكمي وتصدر نتائج البحث دون تقديم فائدة حقيقية للقراء؛ وتتمثل أبرز ملامح هذه الظاهرة في العناصر التالية:
- نصوص مطولة تفتقر للمصادر الموثوقة أو المراجع العلمية الرصينة.
- وسائط بصرية وفيديوهات تم التلاعب بها بواسطة خوارزميات التزييف.
- عناوين مضللة تعتمد على الإثارة لجذب المشاهدات وزيادة الأرباح.
- تكرار آلي للمعلومات السطحية التي لا تضيف معرفة جديدة للمتلقي.
- منشورات تواصل اجتماعي تعتمد على التفاعل الوهمي والحسابات الآلية.
تأثيرات العبث الرقمي على صناعة الإعلام
يتجاوز أثر هذه الظاهرة مجرد التلوث البصري ليصل إلى تهديد أركان العمل الصحفي والمهني؛ فبسبب هيمنة العبث الرقمي تتراجع قدرة الجمهور على فرز الحقائق من الأكاذيب؛ وهو ما يؤدي بالضرورة إلى زعزعة الثقة في الوسائل الإعلامية التقليدية والجديدة على حد سواء؛ فضلاً عن الضغط الذي يمارسه هذا المحتوى الرخيص على الصحفيين المتخصصين الذين يجدون أنفسهم في سباق غير متكافئ مع آلات لا تكل من الإنتاج السريع والتكرار الممل.
| المجال المتأثر | نوع الضرر الناتج |
|---|---|
| المجتمع | تآكل الوعي وفقدان القدرة على التحليل النقدي |
| السياسة | اتخاذ قرارات بناءً على بيانات مضللة ومزيفة |
| الصحافة | انخفاض المعايير المهنية مقابل سرعة النشر الآلي |
آليات التصدي لظواهر العبث الرقمي المعاصرة
تتطلب مواجهة هذا التدفق غير المنضبط استراتيجيات وطنية ودولية تعيد الاعتبار للمحتوى الرصين؛ وذلك عبر تعزيز التربية الإعلامية وتدريب المستخدمين على كشف مواد العبث الرقمي وتجنب مشاركتها؛ كما يلعب المشرعون دوراً محورياً في وضع ضوابط أخلاقية تلزم منصات التواصل الاجتماعي بفرز المخرجات الآلية وتمييزها بوضوح؛ لضمان بيئة رقمية نظيفة تحترم عقل المتلقي وتحافظ على نزاهة تدفق المعلومات في العصر الحديث.
يمثل اختيار القاموس الأمريكي لهذا المصطلح ناقوس خطر يدعو لإعادة تقييم علاقتنا بالتكنولوجيا؛ فالهدف ليس محاربة التقدم التقني بل ترويض الأدوات لخدمة الحقيقة؛ وضمان ألا تتحول الشبكة العنكبوتية إلى مجرد مخزن للنفايات المعلوماتية التي تضلل الأجيال القادمة وتقتل شغف البحث عن المعرفة الصادقة والعميقة.