القيلولة هي فترة راحة أو نوم قصيرة يختارها الكثيرون لاستعادة صفاء الذهن وتجديد طاقة الأبدان المنهكة من ضغوط العمل اليومي؛ إلا أن خبراء الصحة يؤكدون أن توقيت هذه الاستراحة يمثل الفاصل الحقيقي بين اكتساب النشاط وبين الوقوع في اضطراب النوم المقلق ليلًا؛ مما يجعل الالتزام بمواعيد محددة ضرورة قصوى.
هل تمثل القيلولة بعد الثالثة عصرًا ضررًا ملموسًا؟
تشير أبحاث طب النوم الحديثة إلى أن جسم الإنسان مبرمج بيولوجيًا على الشعور بانخفاض طبيعي في مستويات اليقظة والتركيز خلال ساعات ما بعد الظهر؛ حيث تظهر هذه الحالة بوضوح في الفترة الزمنية المعصورة بين الساعة الواحدة والثالثة عصرًا نتيجة تغيرات فسيولوجية دقيقة يمر بها الدماغ البشري بشكل دوري، وتتجلى ملامح هذه الفترة في مجموعة من المظاهر الحيوية التي تحفز رغبة الفرد في أخذ القيلولة بعيدًا عن الكسل التقليدي:
- انخفاض طفيف ومفاجئ في درجة حرارة الجسم الأساسية.
- تراجع ملحوظ في سرعة البديهة ومستويات اليقظة الذهنية.
- حاجة مراكز الوعي في المخ إلى استراحة قصيرة لإعادة التنظيم.
- تزايد الشعور بالحاجة إلى إغماض العينين لتجنب الإجهاد البصري.
ويؤكد العلماء أن الحصول على قسط من النوم خلال هذا الإطار الزمني يساعد في تخفيف التوتر ورفع كفاءة الأداء الذهني؛ شرط ألا تتجاوز المدة ثلاثين دقيقة لتجنب الدخول في مراحل النوم العميق التي تُشعر المرء بالخمول عند الاستيقاظ فجأة.
تأثير القيلولة بعد الثالثة عصرًا على الساعة البيولوجية
تكمن المخاطرة الحقيقية عند تجاوز الساعة الثالثة عصرًا في بدء الجسم لعمليات التحضير الكيميائية للنوم الليلي الأساسي؛ فالحصول على القيلولة في وقت متأخر يقلص ما يعرف بضغط النوم الضروري الذي يجمع التعب طوال اليوم ليفرغه ليلًا، وهذا التداخل يؤدي مباشرة إلى تأخير إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن ضبط إيقاع النوم واليقظة؛ مما يسبب أرقًا مزمنًا ومتاعب في الاستغراق في الأحلام بموعدها الطبيعي، ويمكن تلخيص الفوارق بين التوقيتين في الجدول التالي:
| توقيت النوم | الأثر الناتج على الجسم |
|---|---|
| قبل الثالثة عصرًا | تحسين الذاكرة وزيادة النشاط البدني المباشر. |
| بعد الثالثة عصرًا | اضطراب الدورة النوية وصعوبة الاستيقاظ صباحًا. |
مخاطر استمرار القيلولة بعد الثالثة عصرًا بانتظام
ربطت دراسات موسعة بين ممارسة القيلولة المتأخرة لفترات طويلة وبين ظهور أعراض الخمول المزمن الذي يؤثر على جودة الحياة اليومية؛ إذ تتحول هذه العادة إلى مؤشر على وجود خلل في نظام النوم الليلي أو نقص في ساعات الراحة الواجبة، وقد يتطور الأمر لدى البعض ليشمل اضطرابات في ضغط الدم نتيجة التذبذب المستمر في ساعات الراحة، لذا يظل الاعتدال في توقيت النوم النهاري هو الضمان الأول للحفاظ على كفاءة العقل والجهاز العصبي وتجنب الدخول في دوامة الإرهاق الدائم التي تستنزف القوة الحيوية.
إن تنظيم ساعات الراحة النهارية يمنح الدماغ فرصة مثالية لمعالجة البيانات وتخزين المعلومات بكفاءة عالية دون التأثير على جودة السبات الليلي. الالتزام بالاستراحة القصيرة قبل العصر يضمن توازن هرمونات الجسم؛ مما يحقق أقصى استفادة من فترات السكون ويقلل احتمالات الإصابة بالأرق المزمن الذي يهدد استقرار يومك وصحتك العامة.