تخطي إلى المحتوى الرئيسي

ملايين الحشرات في الجو.. لماذا تطلق الدول مزارع الناموس لمكافحة البكتيريا؟

ملايين الحشرات في الجو.. لماذا تطلق الدول مزارع الناموس لمكافحة البكتيريا؟
A A

مزارع الناموس تحولت مؤخرًا من مجرد تجارب مخبرية إلى مراكز إنتاجية ضخمة تهدف إلى حماية أرواح الملايين حول العالم؛ حيث تعمل مرافق متخصصة في مدينة ميديلين الكولومبية على تربية هذه الحشرات داخل بيئات رطبة تخضع لرقابة صارمة لضمان نمو اليرقات وصولًا إلى مرحلة النضج الكامل تمهيدًا لإطلاقها في البيئة الطبيعية.

أسباب انتشار مزارع الناموس حول العالم

يركز العلماء داخل هذه المختبرات على حقن الحشرات ببكتيريا طبيعية تسمى وولباكيا، وهي وسيلة بيولوجية مبتكرة تهدف إلى تجريد البعوض من قدرته على نقل الفيروسات المسببة لأمراض الفتك بالبشر؛ فعوضًا عن استخدام المواد الكيميائية التقليدية، تقوم مزارع الناموس بإنتاج سلالات قادرة على كبح جماح الأمراض عبر التزاوج الطبيعي مع الحشرات البرية لنشر هذه البكتيريا الواقية بين الأجيال المتعاقبة. حققت هذه المنهجية نجاحات ملموسة في تقليص معدلات الإصابة بحمى الضنك بنسب تتجاوز سبعين بالمئة في مناطق عديدة، مما جعل فكرة مزارع الناموس تحظى بدعم دولي واسع من قبل منظمات صحية ومؤسسات مانحة ترى فيها الحل الأمثل لإنهاء كابوس الأوبئة المدارية وتوفير النفقات الطبية الطائلة التي تتكبدها الدول سنويًا.

دور مزارع الناموس في الحد من الأوبئة

تعتبر المنشأة الموجودة في كولومبيا الأكبر من نوعها على مستوى العالم؛ إذ تتجاوز قدرتها الإنتاجية ثلاثين مليون حشرة أسبوعيًا يتم توزيعها وإطلاقها لضمان استدامة النظام البيئي الجديد الذي يكافح العدوى ذاتيًا. يعتمد نجاح مزارع الناموس على عدة ركائز أساسية تضمن فعالية العملية ومنها:

  • توفير درجات حرارة ورطوبة مثالية داخل غرف التربية لضمان بقاء اليرقات.
  • تغذية الحشرات بخلطات مدروسة تشمل مسحوق السمك والسكر والدم.
  • مراقبة دورة حياة البعوض بدقة لضمان جاهزيته لعملية التزاوج البري.
  • حقن سلالات الناموس ببكتيريا وولباكيا التي تمنع انتقال زيكا وشيكونغونيا.
  • نشر الحشرات المعدلة في المناطق الحضرية المزدحمة لضمان أقصى تأثير.

فاعلية مزارع الناموس في التجارب الدولية

تثبت لغة الأرقام أن الاعتماد على مزارع الناموس ليس مجرد رفاهية علمية، بل هو ضرورة ملحة في ظل التغيرات المناخية التي تساهم في اتساع رقعة انتشار الحشرات الناقلة للأمراض؛ حيث تشير البيانات الصادرة عن الهيئات الصحية إلى تراجع مذهل في حالات العدوى بالمناطق التي شملتها هذه المبادرات الحيوية.

الدولة نسبة انخفاض حمى الضنك
إندونيسيا أكثر من 70%
كولومبيا (ميديلين) حوالي 90%
أستراليا وفيتنام نتائج مستدامة طويلة الأمد

تجسد مزارع الناموس اليوم تحالفًا ذكيًا بين العلم والطبيعة لمواجهة تهديدات صحية عالمية تفاقمها درجات الحرارة المرتفعة؛ حيث تعيد هذه الابتكارات صياغة استراتيجيات الوقاية الصحية في القارات الخمس. ومع تصاعد الإصابات السنوية بحمى الضنك، تبرز هذه التقنية كأداة حاسمة في حماية المجتمعات الأكثر عرضة للخطر، محولة الحشرات من عدو لدود إلى حليف في معركة البقاء.

مشاركة: