الجمعية الكويتية للتراث تساهم بشكل فعال في توثيق المحطات التاريخية الفاصلة التي شكلت هوية الاقتصاد الوطني عبر العصور؛ حيث استضافت الكنيسة الإنجيلية الوطنية مؤخرًا ندوة فكرية استعرضت ملامح العيش والعمل قبل ظهور الثروة النفطية وتأثيرها على بنية المجتمع الكويتي.
تأثير الجمعية الكويتية للتراث في تدوين التاريخ الاقتصادي
سلط الباحث فهد العبد الجليل الضوء على التحولات الجوهرية التي شهدتها البلاد في مراحلها المبكرة من خلال استعراض وثائق نادرة، موضحًا أن مبادئ العمل والاعتماد على الذات كانت المحرك الأساسي للسوق المحلية قبل سيادة النمط الريعي؛ فالمجتمع اعتمد قديمًا على منظومة إنتاجية متكاملة تتوزع وظائفها بين التجار وأرباب السفن والعمال الذين أداروا عجلة التنمية بإمكاناتهم الخاصة. وذكر رئيس الجمعية الكويتية للتراث أن الكويتيين استثمروا موقع بلادهم الجغرافي المتميز بين الموانئ الكبرى في الخليج ليخلقوا مركزًا تجاريًا عالميًا يتجاوز محدودية الموارد الطبيعية والمياه والزراعة في تلك الفترة؛ حيث تحول ميناء الكويت القديم المعروف محليًا باسم الفرضة إلى حلقة وصل نابضة بالحياة تربط بين ساحل فارس والبصرة والبحرين مما عزز من مرونة الدولة الاقتصادية وقدرتها على مواجهة التحديات.
دور الجمعية الكويتية للتراث في إبراز التنوع التجاري
كشفت الدراسات التي قدمتها الجمعية الكويتية للتراث عن تنوع مصادر الدخل التي لم تقتصر على مهنة واحدة بل تعددت لتشمل أنشطة برية وبحرية منظمة؛ فعلى الرغم من أن الغوص على اللؤلؤ كان يمثل الركيزة الأساسية والعمود الفقري للدخل القومي إلا أن التنافس الإقليمي دفع الكويتيين إلى ابتكار حلول بديلة ومسارات تجارية جديدة. وتضمنت الرحلة الاقتصادية التي وثقتها الجمعية الكويتية للتراث العناصر التالية:
- تحول الكويت إلى مركز للنقل التجاري عبر السفن الشراعية بعد انتقال الوكالة البريطانية.
- تصدير الخيول العربية الأصيلة إلى الهند وهو نشاط شكل عشرة بالمئة من الإيرادات.
- تأسيس الجمرك البحري في عهد الشيخ مبارك الصباح لتنظيم الرسوم والملاحة الدولية.
- إدارة التجارة البرية عبر القوافل وفرض رسوم جمركية تحت إشراف كفاءات وطنية.
- بناء شبكة نقل ضخمة تربط مزارع النخيل في البصرة بمكاتب تجارية في الهند.
تطور الموارد في سجلات الجمعية الكويتية للتراث
تشير البيانات التاريخية والتقارير التي استعرضها الباحث في إطار عمل الجمعية الكويتية للتراث إلى نمو مضطرد في الأرقام المالية والحركة الملاحية؛ حيث يوضح الجدول التالي مقارنة مبسطة لقيمة التبادل التجاري والإيرادات في فترات زمنية متباعدة تعكس مدى الازدهار المالي الذي تحقق بفضل الحنكة التجارية لأبناء المنطقة وقدرتهم على إدارة الأزمات ببراعة فائقة.
| الفترة الزمنية | قيمة الإيرادات والتبادل التجاري |
|---|---|
| عام 1839 ميلادي | بلغت الصادرات نحو مليون روبية تقريبًا. |
| عشرينيات القرن الماضي | وصل إجمالي الإيرادات إلى 15 مليون روبية. |
جسدت الوثائق التي عرضتها الجمعية الكويتية للتراث شعار الكويت بلاد العرب الذي اعتمدته المؤسسات الرسمية والدينية بما فيها الكنيسة الإنجيلية؛ مما يعكس عمق الروابط القومية والإنسانية التي رافقت النهضة الاقتصادية وبناء الحرف اليدوية الوطنية كصناعة السفن التي أدارها الكويتيون بالكامل لتظل شواهد تاريخية باقية في ذاكرة الأجيال.