عبد المنعم مدبولي هو أيقونة الكوميديا المصرية التي لم تغب شمسها رغم رحيله؛ إذ تحل ذكرى ميلاد هذا الفنان الاستثنائي في الثامن والعشرين من ديسمبر لتذكرنا بمسيرة بدأت من رحم المعاناة في حي باب الشعرية العريق بالقاهرة عام ألف وتسعمائة وواحد وعشرين؛ حيث فقد والده وهو لا يزال رضيعًا في مهده.
مراحل تكوين موهبة عبد المنعم مدبولي الفنية
انطلقت شرارة الشغف لدى الفنان الراحل منذ مقاعد الدراسة الابتدائية؛ إذ قادته موهبته الفطرية لتأسيس فرقة النهضة المسرحية في المرحلة الإعدادية قبل أن يتجه لدراسة فن النحت بكلية الفنون التطبيقية؛ وعلى الرغم من الصدمة التي واجهها برفض معهد التمثيل له في بداياته بسبب قصر قامته إلا أن إصرار عبد المنعم مدبولي دفعه للمحاولة مجددًا حتى نجح في الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية في منتصف الأربعينيات لتبدأ ملامح عبقريته في الظهور للعلن.
تحولات درامية في حياة عبد المنعم مدبولي المهنية
تتلمذ هذا المبدع على يد عمالقة الفن؛ حيث انضم لفرقة الرائد جورج أبيض الذي رأى فيه خليفته المنتظر في الأداء الدرامي قبل أن ينتقل لفرقة فاطمة رشدي؛ وقد شهدت فترة الخمسينيات طفرة نوعية في نشاط عبد المنعم مدبولي بعد تأسيسه لفرقة المسرح الحر التي قدمت نصوصًا خالدة؛ ولم يكتفِ بذلك بل وضع بصمته الخاصة في تأسيس مدرسة مدبوليزم الكوميدية التي خرجت أجيالًا من النجوم الذين تتلمذوا على يديه في أعمال مسرحية وسينمائية لا تزال نابضة بالحياة؛ ويمكن تلخيص محطات مسيرته عبر الجدول التالي:
| المرحلة الزمنية | الإنجاز الفني |
|---|---|
| عام 1952 | تأسيس فرقة المسرح الحر |
| عام 1958 | الانطلاقة السينمائية في فيلم أيامي السعيدة |
| عام 1979 | بطولة مسلسل أبنائي الأعزاء شكرا |
| عام 2006 | رحيل الفنان وترك إرث فني ضخم |
أسرار من كواليس مسرح عبد المنعم مدبولي
عُرف عن الفنان الراحل انضباطه الشديد ورفضه للخروج الفج عن النص؛ وهو ما جعله يتخذ قرارًا تاريخيًا بالانسحاب من مسرحية مدرسة المشاغبين بعد أن شعر بأن الارتجال الزائد يخل ببناء العرض المسرحي؛ وتميزت أعمال عبد المنعم مدبولي بالتنوع الكبير الذي شمل ما يلي:
- تقديم الأغاني التعليمية والترفيهية الموجهة للأطفال.
- المشاركة في بطولة أفلام كوميدية واجتماعية مثل الحفيد.
- تجسيد الأدوار التراجيدية العميقة في فيلم إحنا بتوع الأتوبيس.
- إخراج وتأليف العديد من الروايات المسرحية للقطاع العام والخاص.
- إدارة فرق مسرحية ساهمت في تغيير خريطة الكوميديا العربية.
وصل عبد المنعم مدبولي إلى ذروة تألقه الجماهيري عبر شاشة التلفزيون في مسلسل أبنائي الأعزاء شكرًا؛ وهو العمل الذي جعل رئيس الدولة آنذاك يعبر عن شدة تأثره بالأداء الإنساني الذي قدمه بابا عبده؛ وظل الفنان يصارع المرض في سنواته الأخيرة بصلابة حتى غيبه الموت إثر أزمة صحية حادة؛ ليرحل بجسده وتبقى مدرسته الفنية شاهدة على عصر ذهبي من الإبداع.