تخطي إلى المحتوى الرئيسي

بأوامر محمد علي.. انسحاب إبراهيم باشا من سوريا ينهي حلم حكم الشام

بأوامر محمد علي.. انسحاب إبراهيم باشا من سوريا ينهي حلم حكم الشام
A A

الجلاء عن سوريا كان لحظة فارقة في تاريخ الدولة المصرية الحديثة، حيث تداخلت الضغوط الدولية مع الطموحات التوسعية لمحمد علي باشا لتفرض واقعًا سياسيًا جديدًا في المنطقة؛ ففي التاسع والعشرين من ديسمبر لعام 1840 بدأت فصول واحدة من أصعب رحلات الانسحاب العسكري التي شهدها القرن التاسع عشر بقرار مصيري.

تأثير الجلاء عن سوريا على موازين القوى الإقليمية

تشكل واقع جديد في المنطقة عندما اضطر محمد علي باشا للرضوخ لمطالب الدول الكبرى؛ حيث هدد قنصل إنجلترا بحرق الإسكندرية ردا على التوسعات المصرية، ورغم التحدي الأولي الذي أبداه البالي إلا أن موازين القوى البحرية والسياسية فرضت عليه اختيار السلم للحفاظ على حكم مصر الوراثي؛ ومن هنا صدرت الأوامر العسكرية ببدء الجلاء عن سوريا لإنهاء الوجود المصري الذي استمر قرابة عقد من الزمان.

عوامل مرتبطة بـ الجلاء عن سوريا في التطورات العسكرية

تسبب الانسحاب المفاجئ في أزمة لوجستية حادة للجيش المصري الذي كان يقوده إبراهيم باشا؛ إذ تحولت عملية العودة إلى مأساة حقيقية بسبب قسوة التضاريس ونقص المؤن الغذائية في فترات الشتاء القارس، وقد انقسمت القوات المنسحبة إلى ثلاثة فيالق رئيسية سلكت طرقًا مختلفة لتأمين الوصول إلى الأراضي المصرية؛ حيث واجه الجنود والمدنيون ظروفًا كارثية أدت لفقدان الآلاف من الأرواح البشرية.

توزيع القوات قائد الفيلق مسار الانسحاب
المشاة والخيالة أحمد المنكلي باشا طريق غزة والعريش
المدفعية سليمان باشا الفرنساوي طريق معان والعقبة
الحرس والفرسان إبراهيم باشا طريق غزة ثم البحر

خسائر الجلاء عن سوريا والنتائج المترتبة عليها

وثقت المصادر التاريخية حجم الكارثة التي تعرض لها الجيش خلال رحلة العودة الشاقة؛ فلم يكن الثمن سياسياً بضياع نفوذ الشام فحسب، بل كان بشرياً فادحاً أضعف القوة العسكرية المصرية لسنوات، وتتضح معالم هذه المعاناة من خلال النقاط التالية:

  • فقدان نحو ثلاثين ألف جندي وضابط بسبب الجوع والعطش الشديد.
  • تعرض الفيالق العسكرية لمناوشات مستمرة من مجموعات البدو في الصحراء.
  • انتشار الأمراض والأوبئة بين النازحين والجنود المنهكين من التعب.
  • خسارة أعداد كبيرة من الخيول والمعدات العسكرية الثقيلة في الجبال.
  • وفاة مئات النساء والأطفال المرافقين للجيش في طرق الوعورة والمخاطر.

انتهت الحقبة المصرية في بلاد الشام بمغادرة آخر جندي لمدينة غزة في فبراير لعام 1841؛ لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ مصر الحديث تركزت فيها الجهود داخل الحدود الوطنية، ورغم المأساة التي رافقت الانسحاب إلا أن تلك الفترة تركت بصمات إدارية ونظامية واضحة في الذاكرة السورية قبل عودة السلطة العثمانية المباشرة للمنطقة.

مشاركة: