الشركات العائلية تمثل ركيزة أساسية في بنية الاقتصاد العالمي المعاصر؛ حيث لم يعد دورها مقتصرًا على الأنشطة التجارية المحلية بل امتدت لتسيطر على قطاعات استراتيجية كبرى بحجم إيرادات يتجاوز مئة مليون دولار للمؤسسة الواحدة، وتشكل هذه الكيانات اليوم نحو اثنين وعشرين بالمئة من إجمالي الشركات العاملة في مختلف القارات؛ مما يعكس ثقلاً ماليًا واجتماعيًا يتجاوز النماذج المؤسسية التقليدية.
توسع انتشار الشركات العائلية في الخارطة الاقتصادية
تشير البيانات الإحصائية إلى نمو مطرد في عدد هذه المؤسسات التي تدار عبر الأجيال؛ فمن المتوقع أن يرتفع عددها ليصل إلى نحو تسعة عشر ألفًا وسبعمئة وأربع وأربعين شركة بحلول نهاية العقد الحالي، وهذا النمو يمثل زيادة قدرها اثنان وعشرون بالمئة مقارنة بالعقد الماضي الذي كانت تسجل فيه الأرقام ما يقارب ستة عشر ألف شركة فقط؛ الأمر الذي يبرهن على استدامة هذا النموذج وقدرته على التوسع رغم التقلبات التي تشهدها الأسواق المالية العالمية؛ حيث تساهم الاستثمارات المتوارثة في خلق استقرار طويل الأمد يتجاوز التحديات اللحظية التي قد تواجهها الشركات المساهمة العامة.
مرونة الشركات العائلية في مواجهة الأزمات العالمية
أظهرت النماذج القيادية في الشركات العائلية قدرة استثنائية على الصمود في وجه التحديات الجيوسياسية الراهنة، وعلى الرغم من أن غالبية هذه الكيانات تنظر إلى عدم اليقين الاقتصادي بوصفه التهديد الأكبر لاستقرارها؛ إلا أن استراتيجياتها تعتمد على التكيف السريع مع المتغيرات التكنولوجية المتسارعة وتطبيق معايير صارمة للحوكمة، وتبرز الشركات في منطقة جنوب آسيا والإمارات كأمثلة حية على دمج التقنيات الحديثة مع الإرث القيادي لتجاوز عقبات التضخم وضعف الكفاءات البشرية في بعض التخصصات الدقيقة.
ترتيب أصول الشركات العائلية الرائدة لعام 2025
| اسم الشركة | المقر الرئيسي | إجمالي الأصول بالمليار |
|---|---|---|
| رويال جروب | الإمارات العربية المتحدة | 300 مليار دولار |
| ريلاينس إندستريز | جمهورية الهند | قيم متغيرة |
| شركات أمريكية متعددة | الولايات المتحدة | مراكز متقدمة |
تتنوع مجالات عمل الشركات العائلية وتتعدد العوامل التي تضمن لها البقاء القوي في صدارة القوائم العالمية؛ حيث تعتمد على مجموعة من المبادئ المؤسسية التي تجعلها تتفوق في إدارة الأصول الضخمة:
- تطبيق إطار حوكمة شامل يحدد الشؤون الإدارية وحقوق الورثة.
- الاستثمار المكثف في التحول الرقمي لمواجهة التهديدات السيبرانية.
- تطوير خطط القيادة لضمان انتقال سلس للسلطة بين الأجيال.
- تنويع المحفظة الاستثمارية لتقليل مخاطر التقلبات الاقتصادية.
- التركيز على المسؤولية الاجتماعية لتعزيز سمعة العلامة التجارية.
تمركز الشركات العائلية بين القوى الكبرى والأسواق الناشئة
تتصدر شركة رويال جروب التي تتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبي مقرًا لها قائمة أضخم الشركات العائلية عالميًا من حيث حجم الأصول؛ وهو ما يعكس الطفرة النوعية في إدارة الثروات العائلية داخل منطقة الشرق الأوسط، وفي المقابل نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية تهيمن عدديًا بوجود أربع شركات ضمن قائمة العشر الأوائل؛ تليها الهند وهونغ كونغ بمركزين لكل منهما؛ ما يوضح التوازن بين القوى الاقتصادية التقليدية والأسواق الصاعدة التي بدأت في فرض سيطرتها عبر استثمارات عائلية ضخمة تتجاوز الحدود الجغرافية للدول.
ويستمر دور الشركات العائلية في التنامي كقوة محركة للنمو المستدام بفضل رؤيتها التي تمتد لعقود لا لمجرد دورات مالية قصيرة؛ مما يجعلها حائط صد أمام الأزمات العاصفة وتذبذب الأسواق العالمية، ومع تزايد أعدادها عالميًا يظل التحدي الأكبر هو الحفاظ على تماسك الهيكل الإداري بمواجهة التغيرات التكنولوجية المتلاحقة وضمان استمرارية التنافسية الدولية.