يُعد التزام السعودية بأحكام القانون الدولي الإنساني ركيزة أساسية في سياساتها العسكرية والتشريعية، وهو ما أكد عليه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول الركن فياض الرويلي خلال انطلاق ورشة عمل كبرى بالرياض، حيث سلط الضوء على الجهود الوطنية لترسيخ هذه المبادئ في كافة الممارسات الميدانية، وضمان تطبيقها بما يتوافق مع المعايير الدولية والشريعة الإسلامية السمحاء.
شهدت العاصمة الرياض انطلاقة أعمال النسخة الثامنة عشرة من ورشة عمل كبار الضباط العسكريين حول القواعد الدولية التي تحكم العمليات العسكرية، وهي المرة الأولى التي تُعقد فيها هذه الفعالية الهامة في المملكة، حيث نظمتها وزارة الدفاع ممثلة بجامعة الدفاع الوطني بالشراكة الاستراتيجية مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وقد افتتح أعمالها رئيس هيئة الأركان العامة السعودي ورئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش إيجر، بحضور ومشاركة واسعة ضمت أكثر من 125 من كبار الضباط العسكريين يمثلون 90 دولة حول العالم، مما يعكس الأهمية الدولية للحدث والدور المحوري الذي تلعبه المملكة في تعزيز الحوار حول هذه القضايا الحيوية، كما يبرز هذا التعاون المثمر مدى عمق الشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مجالات التدريب والتوعية القانونية والإنسانية، بهدف بناء القدرات الوطنية وتعزيز المهنية والانضباط في أداء الواجب.
كيف يترسخ التزام السعودية بأحكـام القانون الدولي الإنساني في تشريعاتها؟
أولت قيادة المملكة اهتمامًا كبيرًا بالجانب التشريعي لضمان الامتثال الكامل للقانون الدولي، حيث سنت أنظمة وقوانين واضحة تجرم أي انتهاك لقانون الحرب، وتؤكد على ضرورة المساءلة العادلة ضمن منظومة قانونية ومؤسسية راسخة، وتلعب المحاكم المختصة دورًا فاعلًا في النظر بقضايا ميدان الحرب وفقًا للضمانات التي يوفرها القانون، ويأتي هذا النهج تأكيدًا على أن المملكة كانت من أوائل الدول التي انضمت إلى اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولات الإضافية المرتبطة بها، مما يجسد سعيها الدائم لتطبيق هذه المبادئ في سياساتها وممارساتها الميدانية، ويُظهر التزام السعودية بأحكام القانون الدولي الإنساني مدى ارتباطه العميق بتعاليم الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى الرحمة والعدل والإحسان حتى في أوقات الصراع، وتحث على التعامل الإنساني مع أسرى الحرب، فهذه القيم النبيلة تمثل أساسًا متينًا لتعزيز حقوق الإنسان في السلم والحرب على حد سواء، وتعتبر جزءًا لا يتجزأ من مبادئ المملكة في احترام الإنسان وصون كرامته.
جهود وزارة الدفاع في تطبيق أحكـام القانون الدولي الإنساني بالميدان
لم يقتصر الأمر على الجانب التشريعي فحسب، بل امتد ليشمل التطبيق العملي والميداني عبر جهود وزارة الدفاع، التي حرصت منذ نشأتها على تضمين مبادئ القانون الدولي الإنساني في صميم مناهج التعليم العسكري وبرامج التدريب الموجهة لجميع منسوبيها، بهدف ضمان فهم عميق لهذه القواعد وتطبيقها بشكل فعال من قبل أفراد القوات المسلحة في الميدان، ويُعد التزام السعودية بأحكام القانون الدولي الإنساني في هذا الجانب استثمارًا في الكادر البشري العسكري، ويتم ذلك من خلال تنفيذ برامج تدريبية متخصصة ومكثفة، سواء بالتعاون المباشر مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو عبر جهود ذاتية من منسوبي الوزارة والجهات المعنية الأخرى في المملكة، وتتركز هذه البرامج على عدة محاور أساسية لضمان أعلى مستويات الجاهزية والامتثال.
- تعزيز الفهم الدقيق لمبادئ التمييز والتناسب والحيطة عند تنفيذ العمليات العسكرية.
- التدريب العملي على كيفية التعامل مع أسرى الحرب والجرحى وفقًا للمعايير الدولية.
- تنمية المهارات اللازمة لحماية المدنيين والأعيان المدنية في مناطق النزاع.
- نشر ثقافة احترام القانون الدولي بين كافة الرتب العسكرية كجزء من العقيدة القتالية.
تسعى المملكة من خلال هذه الجهود المتواصلة إلى أن تصبح نموذجًا عالميًا يُحتذى به في تطبيق القانون الدولي والتدريب عليه، وهو ما يعزز من مهنية وانضباط قواتها المسلحة.
مركز الملك سلمان للإغاثة كنموذج عملي لالتزام السعودية الإنساني
يمتد التزام السعودية بأحكام القانون الدولي الإنساني إلى ما هو أبعد من الجوانب القانونية والعسكرية، ليتجسد في صورة عمل إنساني وإغاثي رائد على الساحة الدولية، ويُعتبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذراع الإنساني للمملكة والمثال الأبرز على هذا التوجه، حيث ينفذ المركز مئات المشاريع الحيوية في مناطق الصراع والكوارث حول العالم، مقدمًا المساعدات للمتضررين دون أي تمييز على أساس الدين أو العرق أو اللون، مجسدًا بذلك أسمى قيم الرحمة والتضامن الإنساني، ويلتزم المركز في جميع عملياته بالمبادئ الأساسية التي يرسخها القانون الدولي الإنساني، وعلى رأسها الحياد والاستقلالية وعدم التحيز، مما أكسبه ثقة واحترام المجتمع الدولي.
| الركيزة الأساسية | التوضيح | الجهة المسؤولة |
|---|---|---|
| التشريع والتقنين | الانضمام للاتفاقيات الدولية وسن قوانين محلية تجرم انتهاكات قانون الحرب | المؤسسات التشريعية والقضائية |
| التطبيق العسكري | دمج القانون الدولي في المناهج والتدريبات العسكرية لضمان الالتزام الميداني | وزارة الدفاع والقوات المسلحة |
| العمل الإغاثي | تقديم المساعدات الإنسانية في مناطق النزاع وفقًا لمبادئ الحياد وعدم التمييز | مركز الملك سلمان للإغاثة |
يعكس هذا التكامل بين الجهود القانونية والعسكرية والإنسانية رؤية شاملة تضع احترام الإنسان وكرامته في مقدمة أولوياتها، مما يجعل التزام السعودية بأحكام القانون الدولي الإنساني نهجًا راسخًا وممارسة فعلية على أرض الواقع.