تُلقي فضيحة شهادات الجامعة اللبنانية بظلالها الثقيلة على المشهد التعليمي في لبنان، بعدما كشفت التحقيقات عن شبكة متكاملة لبيع المؤهلات العلمية مقابل مبالغ مالية ضخمة، الأمر الذي لم يهز فقط أروقة الكلية المعنية بل أحدث صدمة عميقة في الشارع اللبناني الذي كان ينظر إلى هذه المؤسسة كآخر قلاع التعليم العام الصامدة في وجه الانهيار الشامل.
تفاصيل فضيحة شهادات الجامعة اللبنانية وأسعارها بالدولار
انكشفت خيوط هذه القضية المدوية عبر تحقيق استقصائي بثته قناة “الجديد” اللبنانية، حيث عُرضت تسجيلات صوتية ومكالمات مسربة توثق عمليات بيع وشراء الشهادات الجامعية بأسلوب تجاري بحت، وكأنها سلع معروضة في السوق؛ وقد أظهرت التسريبات أن أسعار الشهادات المزورة تبدأ من خمسة آلاف دولار أمريكي وتصل إلى سبعة آلاف دولار، وذلك حسب الدرجة العلمية المطلوبة سواء كانت إجازة جامعية أو ماجستير أو حتى دكتوراه، وفي اعتراف صادم، أكدت وسيطة مشاركة في الشبكة أنها حصلت شخصيًا على شهادة دكتوراه مزيفة بنفس الطريقة، مشيرة إلى أن قائمة المشترين تضم عددًا من المحامين الذين يمارسون المهنة بشهادات تم شراؤها بدلًا من تحصيلها الأكاديمي، ما يفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول مصداقية قطاعات مهنية بأكملها تأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب فضيحة شهادات الجامعة اللبنانية.
ردود الفعل الرسمية على فضيحة شهادات الجامعة اللبنانية
لم يتأخر التحرك الرسمي كثيرًا أمام هول ما كُشف، فقد وصف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي القضية بأنها تمس بسمعة التعليم في لبنان بشكل مباشر، وأصدر توجيهاته الفورية لوزيرة التربية والتعليم العالي باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة وفتح تحقيق شامل بالتنسيق مع النيابة العامة التمييزية، وقد شدد ميقاتي على أن أي شخص يثبت تورطه في هذه الشبكة لن يفلت من العقاب، معتبرًا أن التلاعب بمستقبل الطلاب ومصداقية الشهادات يعد جريمة وطنية وأخلاقية لا يمكن التهاون معها، وعلى الصعيد القضائي، تحرك مدعي عام جبل لبنان بشكل سريع حيث ادعى على 15 شخصًا متورطًا في فضيحة شهادات الجامعة اللبنانية، من بينهم عميد الكلية وأمين السر وطالب لبناني، ووجهت إليهم تهم متعددة تشمل:
- الاحتيال والتلاعب بالعلامات.
- تزوير المستندات الرسمية.
- تقاضي الرشوة مقابل خدمات غير قانونية.
- استغلال النفوذ الوظيفي لتحقيق مكاسب شخصية.
من جهتها، أصدرت رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة بيانًا حذرًا، أكدت فيه متابعتها الدقيقة للتحقيقات الجارية، ودعت إلى ضرورة احترام سرية التحقيق وتجنب الاستغلال الإعلامي للقضية، لكنها في الوقت نفسه أكدت أن الجامعة لن توفر أي غطاء لأي متورط، وأن مبدأ المحاسبة سيطبق على الجميع دون استثناء.
كيف أثرت فضيحة شهادات الجامعة اللبنانية على الرأي العام؟
أشعلت الأنباء عن هذه الفضيحة عاصفة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر آلاف اللبنانيين عن خيبة أملهم ومرارتهم مما وصلت إليه الجامعة الوطنية التي كانت تعتبر “ملاذ الفقراء” للحصول على تعليم جيد، واعتبر كثيرون أن هذه الحادثة تمثل طعنة في قلب الجامعة وتاريخها، حيث كتب الصحفي محمد بركات معلقًا على منصة “إكس” أن من كان ينجح بجهده وتعبه بات اليوم يُهان بسبب هذه الممارسات، مؤكدًا أن الجامعة اللبنانية فقدت معناها وقيمتها، كما تداول المستخدمون منشورات تعكس حجم الإحباط، حيث رأى البعض أن ما حدث لم يكن مجرد حادثة معزولة، بل هو انعكاس طبيعي لانهيار منظومة الدولة بأكملها من القمة إلى القاعدة، وأن الجامعة أصبحت رهينة للمحسوبيات وبيع الضمائر بعد أن كانت منارة للعلم والمعرفة، وهي الآن تواجه أخطر أزمة ثقة في تاريخها.
ومع استمرار التحقيقات وتكشف المزيد من التفاصيل يوميًا، يبقى السؤال الأهم معلقًا في أذهان اللبنانيين حول إمكانية استعادة الثقة في صرح أكاديمي عريق لطالما كان رمزًا للعدالة والنزاهة، بعد أن لوثت سمعته شهادات مزيفة تباع وتُشترى بالدولار.