انخفاض الحرارة يفاقم آلام التهاب المفاصل.. آلية علمية بسيطة وخطوات عملية لتجنبها

انخفاض الحرارة يفاقم آلام التهاب المفاصل.. آلية علمية بسيطة وخطوات عملية لتجنبها

تُشكل التهابات المفاصل في الشتاء تحديًا كبيرًا للكثيرين، حيث يتزامن انخفاض درجات الحرارة مع زيادة ملحوظة في آلام المفاصل وتيبسها، مما يحول الأنشطة اليومية البسيطة إلى مهام شاقة؛ هذا الشعور المتزايد بالألم ليس مجرد وهم، بل هو نتيجة لتغيرات فسيولوجية حقيقية تحدث داخل الجسم استجابة للبرد، مما يجعل فهم هذه الظاهرة الخطوة الأولى نحو التعامل معها بفعالية.

مع قدوم الأشهر الباردة، يلاحظ مرضى التهاب المفاصل تفاقمًا في حالتهم، وقد أوضحت تقارير طبية، مثل ما ورد في تقرير “نيوز18″، أن هذه الزيادة في الألم لها أسباب علمية واضحة وليست مجرد شعور عابر؛ فالطقس البارد لا يتسبب في الإصابة بالمرض نفسه، ولكنه يعمل كمحفز قوي يزيد من حدة الأعراض الموجودة بالفعل، مما يحد من القدرة على الحركة ويجعل الألم أكثر إزعاجًا، وبالتالي فإن معرفة الأسباب الدقيقة وراء تفاقم التهابات المفاصل في الشتاء تساعد المرضى على اتخاذ تدابير وقائية مدروسة لتخفيف معاناتهم اليومية.

لماذا تزداد حدة التهابات المفاصل في الشتاء؟

يكمن السبب الرئيسي وراء تفاقم آلام المفاصل خلال فصل الشتاء في استجابة الجسم المباشرة للبرد القارس، حيث يؤدي انخفاض درجة الحرارة إلى زيادة سماكة السائل الزلالي (Synovial fluid) الموجود داخل كبسولة المفصل، وهو السائل المسؤول عن تليين حركة المفاصل وتسهيلها؛ وعندما يصبح هذا السائل أكثر لزوجة، تزداد مقاومة المفصل للحركة مما يسبب شعورًا بالتيبس والألم الشديد، ويترافق هذا مع حدوث ضيق في الأوعية الدموية المحيطة بالمفاصل لتقليل فقدان حرارة الجسم، وهو ما يقلل بدوره من تدفق الدم إلى هذه المناطق ويزيد من تفاقم أعراض التهابات المفاصل في الشتاء.

إن التعرض المستمر للبرودة الشديدة لا يؤدي إلى ظهور التهاب المفاصل من العدم، بل يعمل على تضخيم الأعراض الحالية بشكل كبير، حيث يجد المرضى صعوبة متزايدة في أداء مهامهم اليومية بسبب الألم والتيبس، خاصة في مفاصل اليدين والركبتين والوركين؛ هذه الحالة تجعل من الضروري فهم أن التعامل مع التهابات المفاصل في الشتاء لا يقتصر فقط على تناول الأدوية، بل يتطلب استراتيجية شاملة تركز على تعديل نمط الحياة لمواجهة تأثيرات الطقس البارد بشكل استباقي وفعال.

عوامل إضافية تساهم في تفاقم التهابات المفاصل في الشتاء

بعيدًا عن التأثير المباشر للبرودة، هناك عوامل أخرى تلعب دورًا محوريًا في زيادة شدة الأعراض، وهو ما تؤكده الدكتورة آريا، استشارية جراحة العظام واستبدال المفاصل، التي تشير إلى أن زيادة الوزن تمثل عبئًا إضافيًا على المفاصل الحاملة للوزن كالركبتين والوركين، مما يضاعف من الألم عند اقترانه بتأثيرات الطقس البارد؛ كما أن هناك نظرية تشير إلى أن انخفاض الضغط الجوي الذي غالبًا ما يصاحب الطقس البارد قد يسمح بتمدد الأنسجة في الجسم، مما يسبب ضغطًا على الأعصاب ويزيد من حساسية مستقبلات الألم، وهو ما يفسر الشعور المتزايد بالانزعاج لدى مرضى التهابات المفاصل في الشتاء.

العامل المؤثر التأثير على المفاصل
زيادة الوزن يزيد من الضغط الميكانيكي على الركبتين والوركين
حساسية مستقبلات الألم قد تزداد في الطقس البارد مما يفاقم الشعور بالألم

استراتيجيات فعالة للتغلب على آلام التهابات المفاصل في الشتاء

لا يعني تفاقم الأعراض ضرورة الاستسلام للألم، بل يمكن للأفراد المصابين التحكم في حالتهم بشكل كبير عبر تبني مجموعة من الإجراءات الوقائية والعلاجية، فمن خلال فهم المسببات واتخاذ خطوات استباقية، يصبح من الممكن اجتياز الأشهر الباردة بمرونة وثقة أكبر؛ وتعتبر العناية الذاتية حجر الزاوية في إدارة التهابات المفاصل في الشتاء، حيث تساعد بعض العادات اليومية البسيطة في تقليل نوبات الألم والحفاظ على القدرة على الحركة بسلاسة.

لتقليل الانزعاج والشعور بالراحة، ينصح الخبراء باتباع مجموعة من الإرشادات العملية التي أثبتت فعاليتها:

  • الحفاظ على الدفء: تعتبر التدفئة الكافية للجسم خط الدفاع الأول، وذلك من خلال ارتداء ملابس متعددة الطبقات أو حرارية، مع التركيز على تدفئة الأطراف بارتداء القفازات والجوارب السميكة، والحفاظ على درجة حرارة مريحة في أماكن المعيشة والعمل.
  • التغذية السليمة والترطيب: إن تناول وجبات مغذية غنية بالعناصر الداعمة لصحة العظام مثل فيتامين د والكالسيوم، والحفاظ على وزن صحي يقلل العبء على المفاصل، كما أن شرب كميات كافية من الماء يحافظ على ليونة المفاصل ويقلل من سماكة السائل الزلالي.
  • النشاط البدني المنتظم: على عكس ما قد يعتقده البعض، فإن الحركة والتمارين الخفيفة مثل المشي أو السباحة في أماكن دافئة تساعد على تحسين تدفق الدم وتقوية العضلات المحيطة بالمفاصل، مما يوفر دعمًا أفضل ويقلل من التيبس والألم.
  • التعرض لأشعة الشمس: يعد التعرض لأشعة الشمس بشكل يومي، حتى لفترات قصيرة، عادة مفيدة للغاية للحصول على فيتامين د بشكل طبيعي، والذي يلعب دورًا حيويًا في صحة العظام والمفاصل ويساعد في الحد من مضاعفات برودة الجو.

إن الجمع بين النشاط البدني المناسب، والتدفئة المستمرة، والتغذية السليمة، بالإضافة إلى المكملات الغذائية عند الحاجة والإشراف الطبي المنتظم، يمكن الأفراد من تقليل نوبات التهاب المفاصل بشكل ملحوظ؛ ومن خلال هذه المقاربة المتكاملة، يمكن مواصلة الحركة بسهولة وثقة، وتجاوز تحديات فصل الشتاء بأقل قدر من الألم والانزعاج.

كاتبة صحفية متخصصة في مجال التكنولوجيا، تتابع أحدث الابتكارات الرقمية وتبسط المعلومات للقارئ بأسلوب واضح وسهل الفهم.