الريال اليمني يحافظ على استقراره في صنعاء وسط تذبذب حاد للدولار بين عدن وصنعاء

الريال اليمني يحافظ على استقراره في صنعاء وسط تذبذب حاد للدولار بين عدن وصنعاء
الريال اليمني يحافظ على استقراره في صنعاء وسط تذبذب حاد للدولار بين عدن وصنعاء

الريال اليمني أمام واقع اقتصادي فريد يشهد استقراراً متفاوتاً بشكل كبير بين المناطق المختلفة، مما يكشف فجوة سعرية مذهلة للدولار الأمريكي بين عدن وصنعاء، حيث يبلغ سعر الدولار الواحد 1617 ريالاً في عدن مقابل 534 ريالاً في صنعاء، وهو ما يُظهر انقساماً نقدياً وتأثيرات عميقة على حياة آلاف اليمنيين الذين يتعاملون بعملة واحدة بقيم شتى

الريال اليمني وسعر الدولار: استقرار نسبي وفجوة سعرية حادة

في وسط الانقسام النقدي الذي تشهده اليمن منذ انقسام البنك المركزي عام 2016، تمكن البنك المركزي في عدن من المحافظة على استقرار نسبي للريال اليمني في مواجهة العملات الأجنبية، مسجلاً سعر شراء 1617 ريالاً وبيع 1632 ريالاً مقابل الدولار، مقارنة بسعر الدولار في صنعاء الذي لا يتعدى 534 ريالاً. هذا الانفصال الاقتصادي يطرح تحديات جذرية للمواطنين إذ تواجه الفئات في المناطق الجنوبية ارتفاعاً كبيراً في كلفة الدولار مقارنة بالمناطق الشمالية، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية ويلقي بظلال من عدم المساواة. يوضح مصدر داخل البنك أن هذه الإجراءات تأتي لحماية المواطنين من المضاربين وتحجيم جشعهم، بينما تروي أم محمد من عدن معاناتها اليومية في مواجهة ارتفاع أسعار الدولار الذي يؤثر على حاجاتهم الأساسية، خصوصاً الطبابة لأبنائها

الأسباب العميقة وراء انقسام سعر الدولار والريال اليمني

يرجع هذا الوضع الاقتصادي الفريد إلى ثلاثة عوامل أساسية تنعكس في السياسة والاقتصاد اليمني المعاصر:

  • الانقسام السياسي الحاد بين المناطق، مما أدى إلى وجود سياستين نقديتين مختلفتين.
  • السيطرة والنفوذ على الموارد النفطية التي تُعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.
  • تباين السياسات والإجراءات المتبعة من قبل البنك المركزي في عدن مقابل صنعاء.

يعكس هذا الانقسام حالة شبيهة بما حدث في ألمانيا زمن التقسيم، حيث ضم البلد نظامين اقتصاديين منفصلين؛ وهو ما حذر منه خبراء الاقتصاد الذين يرون أن استمرار هذا الانقسام قد يؤدي إلى توحيد قسري مدمر أو انقسام دائم للريال اليمني إلى عملتين مستقلتين، مما يهدد سلامة الاقتصاد الوطني ويضاعف الأعباء على المواطن بشكل يومي

تأثيرات الانقسام الاقتصادي على حياة اليمنيين وفرص الاستثمار

تنعكس الفجوة سعرية الدولار والريال اليمني بشكل مؤلم على المواطنين، حيث يدفع السكان في المناطق الخاضعة للشرعية في الجنوب أكثر من ثلاثة أضعاف ما يدفعه نظراؤهم في صنعاء مقابل الحصول على الدولار، ما يعني تضاؤل قيمة مدخراتهم وتحديات متزايدة في تأمين الاحتياجات الأساسية. في المقابل، تمكن بعض التجار كم محمد من حضرموت من تعزيز أعمالهم بفضل الاستقرار النسبي، مما وفر لهم فرصة التخطيط في ظل الفوضى الاقتصادية.

هذا التوازن النسبي في عدن يفتح بدوره المجال أمام استثمارات خليجية محتملة، لكنه يكشف في الوقت نفسه خطر تعميق الانقسامات الاقتصادية والاجتماعية التي قد تكون من الصعب تجاوزها في المستقبل.

المدينة سعر الدولار مقابل الريال
عدن 1617 شراء – 1632 بيع
صنعاء 534 ريال

ووسط هذا الواقع المعقد، يبقى السؤال الأبرز: هل سيتيح هذا الاستقرار النسبي في عدن سبيلًا نحو توحيد تدريجي يعيد للريال اليمني قوته، أم أنه سيمهد لانفصال اقتصادي دائم يقسم البلاد إلى دولتين منفصلتين؟ الريال اليمني اليوم يقف على مفترق طرق حاسم بين الوحدة الاقتصادية والقوة أو الانقسام والصراع، مع احتمال أن تتبلور النتائج بناءً على قرارات الجهات الاقتصادية والسياسية ومطالب المواطنين المتزايدة في شتى المناطق

كاتب صحفي رياضي يقدّم تغطية سريعة للمباريات والأحداث الرياضية، بأسلوب بسيط يوصّل المعلومة للجمهور بشكل جذاب ومباشر.