يستعد المنتخب السعودي لمواجهة مصيرية وغير مسبوقة في كأس الخليج العربي أمام منتخب جزر القمر، وذلك في غياب مدربه الفرنسي هيرفي رينارد الذي سافر إلى واشنطن لحضور قرعة المونديال؛ تاركًا المهمة لمساعده فرانسوا رودريجيز، وتعد هذه السابقة الأولى من نوعها منذ ثلاثة أعوام مما يضع الأخضر في اختبار حقيقي، لإثبات قوة المنظومة الفنية وقدرة البدلاء على تعويض غياب القائد الأول في مباراة قد تحسم التأهل المبكر للدور القادم.
أسباب ظهور المنتخب الأخضر بدون مدرب
يواجه الشارع الرياضي السعودي حالة من الترقب الممزوج بالقلق بسبب قرار المدرب الفرنسي بالسفر المفاجئ، حيث فضل رينارد التواجد في الولايات المتحدة الأمريكية لحضور مراسم قرعة كأس العالم 2026 وورشة العمل المصاحبة لها؛ بدلاً من إدارة المباراة من أرض الملعب، وهذا القرار وضع الفريق في موقف لا يحسد عليه قبل صافرة البداية، مما يطرح تساؤلات عريضة حول ترتيب الأولويات الفنية في هذه المرحلة الحرجة من المنافسة الخليجية.
تكمن الصعوبة في أن هذا الغياب يأتي في توقيت حساس يتطلب أعلى درجات التركيز الذهني، فالمسافة التي تفصل المدرب عن لاعبيه تتجاوز تسعة آلاف كيلومتر في واشنطن؛ مما يجعل التواصل المباشر وتوجيه التعليمات اللحظية أمراً شبه مستحيل، ورغم أن رينارد ودع اللاعبين بحماس قبل السفر، إلا أن نظرات القلق كانت واضحة على وجوه الجميع، لأن وجود المدرب على الخط الجانبي يعتبر، بحد ذاته، عاملاً نفسياً، مؤثراً.
تحديات تواجه الأخضر في غياب رينارد
تقع المسؤولية الفنية الكاملة الليلة على عاتق المساعد فرانسوا رودريجيز الذي يبلغ من العمر خمسة وأربعين عاماً، حيث يتعين عليه إدارة المباراة فنيًا ونفسيًا لضمان استمرار نغمة الانتصارات التي بدأها الفريق بالفوز على عمان بهدفين مقابل هدف؛ ولعل التحدي الأكبر أمام رودريجيز هو الحفاظ على الروح القتالية للاعبين الذين اعتادوا على توجيهات رينارد الحماسية، وإثبات أن التعليمات عن بعد، لا تغني عن، التوجيه الميداني.
يعتمد نجاح المهمة المؤقتة للمدرب المساعد على تكاتف جميع عناصر المنتخب والعمل بروح الفريق الواحد، ولتجاوز هذه العقبة بسلام يجب على الجهاز الفني واللاعبين الالتزام بمجموعة من المعايير الفنية الصارمة داخل المستطيل الأخضر؛ لتعويض الغياب المؤثر للشخصية القيادية الأولى في الجهاز الفني.
- الانضباط التكتيكي العالي وتنفيذ خطة اللعب بحذافيرها طوال شوطي المباراة.
- عزل اللاعبين عن الضغوط الإعلامية والجماهيرية المترتبة على غياب رينارد.
- استغلال الروح المعنوية العالية بعد الفوز الافتتاحي لتعزيز الثقة بالنفس.
- تفعيل دور قادة الفريق داخل الملعب لتوجيه زملائهم وتصحيح الأخطاء لحظياً.
معادلة المنتخب الأخضر بدون مدرب والانتصار
تحمل هذه المباراة طابعاً تاريخياً خاصاً كونها اللقاء الأول الذي يجمع الصقور بمنتخب جزر القمر الذي يُعد الخصم رقم مائة وخمسة وعشرين في سجل مشاركات المنتخب، وتكتسب المواجهة أهمية مضاعفة لأن الفوز فيها يعني ضمان مقعد في الدور ربع النهائي بنسبة كبيرة؛ بغض النظر عن حسابات الجولة الأخيرة، ويدرك اللاعبون أن تحقيق النقاط الثلاث هو الرد الأمثل على كل المخاوف التي أثيرت حول، قرار سفر المدرب وتأثيره السلبي المحتمل.
تسلط الأضواء الليلة على ملعب البيت في مدينة الخور القطرية لمراقبة رد فعل اللاعبين تحت الضغط، فالتاريخ يذكر دائماً النتائج وليس الظروف المحيطة بها، وسيكون الفوز بمثابة رسالة طمأنة للجماهير بأن المنتخب يمتلك هوية فنية راسخة لا تهتز بغياب الأفراد؛ بينما قد تفتح أي نتيجة سلبية، باباً واسعاً، لانتقادات لاذعة، قد تطال الجهاز الفني.
رأي الجمهور في وضع الأخضر الحالي
تسيطر حالة من الانقسام في الآراء بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة الجريئة من المدرب الفرنسي، فبينما يرى المحلل الدكتور سعد الراشد أن الأمر مبرر ومقبول لكون الإعداد للمونديال أولوية قصوى؛ يعبر المشجعون عن قلقهم الشديد تجاه ما يحدث، ومثال ذلك المشجع أحمد من الرياض الذي أبدى تخوفه الصريح من تأثير غياب الكاريزما الخاصة برينارد، وتظل الدقائق التسعون هي الحكم الفصل لتحديد ما إذا كان، الأخضر بمن حضر أم أنه سيعاني، لافتقاد قائده.
يقف المنتخب السعودي اليوم أمام اختبار للشخصية والهوية الفنية أكثر منه اختباراً للمهارة الكروية، وسيكشف اللقاء عن مدى نضج المنظومة الكروية السعودية وقدرتها على العمل، بمعزل عن الأسماء الرنانة والقيادة المباشرة، لذا يجب على الجماهير، دعم اللاعبين وطاقم رودريجيز، وعدم استباق الأحداث بالحكم، على التجربة، قبل نهايتها.
هل تعتقد أن غياب هيرفي رينارد سيؤثر سلباً على نتيجة المباراة أم أن روح اللاعبين ستحسم الموقف لصالح الأخضر؟
