متحف التشريح في ميزون ألفور بباريس يتحول إلى وجهة رعب تجذب آلاف الزوار عبر عرض نادر لجثث بلا جلد
تُعرف متاحف التشريح الغريبة بقصصها المثيرة وأجوائها الفريدة، ويبرز متحف المسلوخين في ميزون ألفور قرب باريس كواحد من أشهر الأماكن التي تجمع بين الفن والرعب، حيث يعيد زواره التفكير بمفهوم المتاحف من خلال مجموعة نادرة من الجثث البشرية والحيوانية المسلوخة والمحفوظة بدقة غير مسبوقة
قصة إنشاء متحف المسلوخين على يد هونوري فراغونار
يكمن سر متحف المسلوخين في شخصية الطبيب الفرنسي هونوري فراغونار، الذي وُلد عام 1732 في مدينة جراس وتحول من قريب الرسام جان هونوري فراغونار إلى عالم تشريح فذ وجريء، جذبته دراسة الجسد البشري والطب البيطري، وأصبح من أبرز أساتذة التشريح في القرن الثامن عشر، وفقًا لصحيفة Le Monde. ابتكر فراغونار تقنية فريدة للحفاظ على الأجساد من خلال إزالة الجلد لتكشف العضلات والأعصاب مع تفريغ الأعضاء غير الضرورية ثم غمر الجثث بمركبات تمنع التحلل كالزئبق والكحول وحمض الخليك، مع تلوين الأوردة والأعصاب بألوان مميزة، ووضعها في أوضاع درامية أشبه بالأعمال الفنية، ما جعل من متحف المسلوخين تحفة حية في فن التشريح التحنيطي بحسب أرشيف «Musée Fragonard Archives». أشهر المعروضات هي “الجنين الراقص”، “سيدة عيد الحب” التي تعرض جسدًا في وضعية رومانسية، و”فارس القيامة” الذي يُصنف كأكثر قطع المتحف إثارة وصدمة، ويقال إن الجثة تعود لشابة كانت تحب الحصان الذي يمتطيه جسدها، ما يرويه المؤرخون الفرنسيون. رغم طرده عام 1771 إثر خلاف مع مدير المدرسة كلود بورجيلا، بدأ فراغونار صنع النماذج المسلوخة وبيعها للأثرياء، ما أكسبه ثروة وشهرة تعدت فرنسا، وظل إرثه محفوظًا بعد وفاته عام 1799، كدليل على عصر كان فيه الفضول العلمي بلا حدود.
متحف المسلوخين اليوم: تجربة مرعبة وفريدة من نوعها
ما زال متحف المسلوخين يجذب آلاف الزوار سنويًا ممن يبحثون عن تجربة استثنائية تجمع بين الرعب والفضول العلمي، إذ يشكل المتحف واجهة ثقافية غير مألوفة في باريس ويسمح للزائرين برؤية جثث مسلوخة مصفوفة بعناية فائقة منذ أكثر من قرنين، مما يبرز قيمة المتحف كإرث طبي وتصويري فريد في التاريخ الفرنسي، معتمدًا في ذلك على بيانات وزارة الثقافة الفرنسية التي تؤكد على أهمية هذه المجموعة العلمية والفنية الصادمة.
تفاصيل متحف المسلوخين: أشهر الأدلة على فن التشريح وتاريخ حفظ الأجساد
يمثل متحف المسلوخين نموذجًا نادرًا من المتاحف التي تجمع بين العلم والفن والرعب، ويعرض مجموعة متنوعة من القطع التشريحية التي تحكي قصة حفظ الأنسجة البشرية بأساليب مبتكرة في زمن لم تكن فيه تقنيات الحفظ متطورة، وذلك من خلال:
- إزالة الجلد بالكامل للكشف عن العضلات والأعصاب بدقة متناهية
- استخدام مزيج كيميائي مميز من الكحول، حمض الخليك، وكلوريد الزئبق لمنع التعفن
- تلوين الأوردة باللونين الأزرق والأحمر، وتلوين الأعصاب بالأبيض
- وضع الأجساد في أوضاع درامية تجعلها تبدو كأنها أعمال فنية لا مجرد عينات علمية
هذه الخطوات تعد حجر الزاوية في فلسفة متحف المسلوخين كواحد من أغرب المتاحف التي تقدم تجربة غير تقليدية للزائرين، وترسخ مكانته التاريخية كمنارة علمية تجمع بين الغموض والإبداع في فن التشريح التحنيطي.
