نظام قاصر خطر هو أحد الحلول التي تعتمدها بعض الدول الأوروبية لمواجهة أزمة جرائم الأطفال، حيث يُميز هذا النظام بين القاصرين بناءً على مدى خطورتهم المحتملة على المجتمع، وليس فقط على أساس سنهم القانوني، مما يسمح باتخاذ إجراءات احترازية قبل وقوع الجرائم الجسيمة؛ ومع ذلك، يظل تطبيق نظام قاصر خطر في مصر أمرًا معقدًا بسبب اعتبارات قانونية ودستورية خاصة بحماية الطفل وتنظيم العدالة الجنائية.
الدول الأوروبية وتطبيق نظام قاصر خطر لحماية المجتمع والقاصرين
تعد فرنسا وإسبانيا من أبرز الدول التي طبقت نظام قاصر خطر بفعالية لمكافحة انحراف الأحداث، حيث وضعت قوانين صارمة للتحكم في سلوك القاصرين وحمايتهم من المحفزات الضارة، كالمنصات الرقمية والمحتوى غير المناسب. في فرنسا، على سبيل المثال، تمت محاكمة 10 قاصرين في 2023 بتهم التخطيط لأعمال عنف إرهابية، الأمر الذي دفع السلطات إلى فرض حظر تجول ليلي على القاصرين لمدة شهر قابل للتمديد، بالإضافة إلى قوانين تنظم الغرامات على المواقع المخالفة تصل إلى 300 ألف يورو.
أما إسبانيا، فقد أصدرت في عام 2022 تشريعات تلزم منصات الفيديو ببرامج تحقق صارمة من أعمار المستخدمين، بينما في ألمانيا، تم إعداد معايير أكثر تشددًا تتطلب من المواقع الإلكترونية فلاتر رقابة يضبطها الأهالي، مع تعيين مسؤول مستقل لحماية الشباب يقدم استشارات حول الأمن الرقمي. وفي إيطاليا، يُطبق نظام “Minori a rischio” أو “قُصَّر في خطر” الذي يمنح النيابة والأخصائيين صلاحية التدخل المبكر مع القاصرين المعرضين للانحراف، حتى مع غياب جريمة مثبتة لديهم.
تفسير قانوني لعدم تطبيق نظام قاصر خطر في مصر رغم انتشار جرائم الأطفال
يُوضح الدكتور عادل عامر، أستاذ القانون العام، أن فكرة نظام قاصر خطر تعتمد على التعامل مع القاصر بناءً على سجل سلوكه وخطورته الاجتماعية بعد بلوغه 18 عامًا، وليس فقط على أساس العمر القانوني؛ وهذا النظام يتيح اتخاذ تدابير رقابية أو إصلاحية حتى بعد سن الرشد، وهو معمول به في العديد من الدول الأوروبية والأمريكية. إلا أن مصر تتاتب هذا النظام بشكل مختلف، حيث تُنظَّم محاكمة القاصرين بموجب قانون الطفل المصري الذي يحمي الأطفال حتى سن 18 عامًا، ويرتكز على تنفيذ قوانين صارمة بعد ارتكاب الفعل الإجرامي وليس بحسب تقدير الخطر.
الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد مؤخرًا أن تعديل قانون الطفل موضوع هام له بُعد مجتمعي، مؤكدًا على ضرورة تطبيق القوانين بحزم إلى جانب رفع الوعي والفكر لدى المواطنين لضمان تنفيذ فعّال للقوانين دون استثناء.
الأسباب الدستورية والقانونية وراء عدم تبني نظام قاصر خطر في مصر
السبب الأساسي لعدم اتباع مصر لنظام قاصر خطر يعود إلى عدة معوقات دستورية وقانونية، أهمها حماية الطفل الدستورية التي تضمن عدم الرجعية في العقوبات، بمعنى أن لا تُفرض عقوبة بأثر رجعي على سلوك لم يكن جريمة وقت ارتكابه. هذا يتعارض مع مفهوم “عقوبة مستقبلية على سلوك سابق” التي يعتمدها نظام قاصر خطر.
بالإضافة إلى ذلك، يركز النظام القضائي المصري على العقاب بناءً على الجريمة الواقعة فعلًا، لا بناءً على تقدير الخطورة الاجتماعية أو السلوك المتوقع، مما يدفع إلى رفض فرض إجراءات عقابية على قاصر لم يرتكب جريمة فعليًا، حفاظًا على حقوق الطفل وحمايته من أي عقاب مبني على فرضيات أو تقديرات مستقبلية.
- حماية دستورية واضحة للأطفال حتى سن 18 سنة
- منع تطبيق عقوبات رجعية تخالف مبدأ العدالة
- نظام عدالة مبني على الفعل لا على الخطورة أو السلوك المحتمل
| الدولة | تدابير نظام «قاصر خطر» |
|---|---|
| فرنسا | حظر تجوال، فرض غرامات كبيرة، محاكمات قاصرين |
| إسبانيا | قانون حماية من المحتوى الضار، التحقق من عمر المستخدم |
| ألمانيا | تطبيق فلاتر رقابة، مسؤول مستقل لحماية القصر |
| إيطاليا | الإجراءات المبكرة مع القاصرين المعرضين للجنوح |
