صور الأفاتار الفنية تجتاح الشبكات الاجتماعية.. الفضل يعود لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

صور الأفاتار الفنية تجتاح الشبكات الاجتماعية.. الفضل يعود لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي لم يعد ضرباً من الخيال العلمي، بل أصبح واقعاً متاحاً للجميع بفضل طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي التي نشهدها؛ هذه التقنية المذهلة تتيح لأي شخص، دون الحاجة لخبرة تقنية، تحويل صورته الشخصية إلى شخصية كرتونية، أو لوحة فنية كلاسيكية، أو حتى صورة احترافية بضغطة زر، مما يفتح آفاقاً إبداعية غير محدودة في عالم المحتوى البصري.

لقد غيرت هذه التقنيات المعتمدة على خوارزميات معقدة قواعد اللعبة، فلم يعد الإبداع حكراً على مستخدمي برامج التصميم المعقدة مثل فوتوشوب؛ بل أصبح بإمكان أي مستخدم لمنصات التواصل الاجتماعي أن يطلق العنان لخياله ويحول صورته إلى بطل أنمي ياباني أو شخصية تاريخية تخرج من لوحة فنية عريقة، كل ذلك عبر أوامر نصية بسيطة، وهو ما يمثل ثورة حقيقية في طريقة تعبيرنا عن أنفسنا بصرياً ويجعل من عملية تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي أداة أساسية في العصر الرقمي.

أشهر أدوات تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي للمحترفين والهواة

يقود سباق الابتكار في مجال تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي عمالقة التكنولوجيا والشركات الناشئة، حيث يتنافسون لتقديم أدوات تجمع بين القوة والدقة وسهولة الاستخدام؛ وتأتي في مقدمة الخيارات الموجهة للمحترفين حزمة أدوبي، خصوصاً مع دمج أداة Adobe Firefly مباشرة في برامجها الرائدة مثل فوتوشوب، مما يمنح المصممين قدرات خارقة مثل “التعبئة التوليدية” (Generative Fill) التي تسمح بإضافة أو حذف عناصر من المشهد، أو حتى توسيع إطار الصورة بسلاسة فائقة، إلى جانب إمكانية تطبيق أنماط فنية متنوعة مع الحفاظ المذهل على ملامح الوجه الأصلية.

على صعيد آخر، يبرز نموذج Midjourney كخيار مفضل لمن يبحث عن جودة فنية فائقة وواقعية لا تضاهى، حيث يتفوق في إنشاء صور ذات تفاصيل معقدة وغنية، رغم أن استخدامه عبر منصة Discord قد يمثل تحدياً للمبتدئين؛ بينما يقدم DALL-E 3، المدمج ضمن واجهة ChatGPT، تجربة أكثر بساطة وسلاسة، مما يجعله مثالياً لإجراء تعديلات وتحويلات على الصور من خلال حوار نصي مباشر وتوجيهات دقيقة؛ أما بالنسبة للمستخدم العادي، فقد جعلت تطبيقات مثل Canva بأدواتها المبتكرة كـ Magic Edit، وتطبيقات الهواتف الذكية مثل ToonArt و FotoTweak، عملية تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي في متناول الجميع، حيث تقدم ميزات متخصصة مثل:

  • تحويل الصور الشخصية إلى رسومات كرتونية أو بأسلوب الأنمي بنقرة واحدة.
  • تحسين جودة الصور القديمة وإزالة التشويش الرقمي بفعالية.
  • تلوين الصور التي التقطت بالأبيض والأسود لإعادة إحيائها.
  • رفع دقة الصور منخفضة الجودة (Upscaling) لجعلها أكثر وضوحاً.

الآلية التقنية وراء تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي

تعتمد عملية تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي بشكل أساسي على نموذجين تقنيين متطورين يشكلان معاً جوهر هذه الثورة البصرية؛ النموذج الأول هو “نقل النمط” (Style Transfer)، والذي يمكن تشبيهه بفنان رقمي فائق الذكاء، حيث يتم تدريب الخوارزمية على استيعاب الخصائص البصرية لأسلوب فني معين، مثل لوحات فان جوخ المليئة بالفرشاة الديناميكية أو فن البوب بألوانه الزاهية، ومن ثم يقوم بتطبيق هذا الأسلوب على صورة المستخدم، والنتيجة هي صورة تحتفظ بهيكلها وتفاصيلها الأساسية لكنها تكتسي حلة فنية جديدة تماماً.

أما النموذج الثاني فهو “التعديل التوليدي” (Generative Editing)، والذي يمنح المستخدم سيطرة أكبر على محتوى الصورة؛ فبدلاً من تطبيق نمط جاهز، يمكن للمستخدم تحميل صورته وإعطاء تعليمات نصية محددة للذكاء الاصطناعي، مثل “غير خلفية الصورة إلى شاطئ عند الغروب” أو “أضف خوذة رائد فضاء على رأسي”؛ وهنا يقوم النموذج بفهم الأمر وتوليد البيكسلات اللازمة لملء الفراغات أو استبدال العناصر المطلوبة بسلاسة، مما يفتح الباب أمام إمكانيات تعديل لانهائية دون المساس بالصورة الأصلية، وهو ما يعزز قدرات تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي.

مستقبل تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي: بين الفرص والتحديات الأخلاقية

على الرغم من الإمكانيات الإبداعية الواسعة التي يوفرها تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي، إلا أنه يثير مجموعة من القضايا الأخلاقية والقانونية التي لا يمكن تجاهلها؛ فالنماذج التوليدية تتطلب التدريب على كميات هائلة من البيانات البصرية، مما يطرح تساؤلات حول مصدر هذه الصور وما إذا كانت محمية بحقوق نشر لفنانين لم يمنحوا الإذن باستخدامها؛ ومن جهة أخرى، يزداد القلق من إمكانية استغلال هذه التقنيات في إنشاء صور “التزييف العميق” (Deepfakes) لأغراض مسيئة أو لنشر معلومات مضللة، وهو ما دفع شركات رائدة مثل Adobe إلى اتخاذ خطوات استباقية لمعالجة هذه المخاوف.

التحدي الأخلاقي الإجراءات المقترحة لمواجهته
انتهاك حقوق النشر تدريب النماذج على بيانات مرخصة أو مملوكة للعامة (Public Domain)
التزييف العميق والاستخدام المسيء تطبيق سياسات استخدام صارمة والتشديد على المسؤولية الأخلاقية للمستخدم

ولا يتوقف تطور تقنيات تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي عند الصور الثابتة، بل تتجه الأنظار الآن نحو الأفق التالي المتمثل في تحويل الصور إلى مقاطع فيديو قصيرة أو إضافة عناصر متحركة إليها؛ حيث بدأت أدوات مثل Luma Photon وخدمات أدوبي الناشئة في تمكين المستخدمين من تحويل الأوصاف النصية والصور الساكنة إلى محتوى مرئي ديناميكي، مما يبشر بمزيد من الابتكارات التي ستغير مشهد صناعة المحتوى في السنوات القادمة.

إن الدمج القوي بين التكنولوجيا الحديثة والإبداع البشري يعيد تعريف تفاعلنا مع الذكريات البصرية، حيث لم يعد تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي مجرد أداة للتسلية بل أصبح وسيلة قوية للتعبير الفني الرقمي، مما يفتح الأبواب أمام إمكانيات لا حدود لها في عالم صناعة المحتوى المرئي.

كاتب صحفي يهتم بتقديم الأخبار والتقارير بشكل مبسط وواضح، مع متابعة مستمرة للتفاصيل وتقديم المعلومة للقارئ بصورة دقيقة وسريعة.