مدافع سينيكا الغامضة: العلم يضع حداً لقرون من الأساطير ويحدد مصدرها الحقيقي

مدافع سينيكا الغامضة: العلم يضع حداً لقرون من الأساطير ويحدد مصدرها الحقيقي

سر أصوات بحيرة سينيكا الغامضة ظل لغزًا محيرًا لأجيال متعاقبة في ولاية نيويورك الأمريكية، فهذه الظاهرة الفريدة، المعروفة محليًا باسم “مدافع سينيكا” أو “طبول سينيكا”، تتجلى في دوي هائل يشبه صوت المدافع ينطلق من أعماق البحيرة دون أي سبب مرئي، وهو ما أثار فضول العلماء وشغل حكايات السكان المحليين على مدار قرون طويلة.

أساطير قديمة ومحاولات علمية لكشف سر أصوات بحيرة سينيكا الغامضة

تعود أقدم السجلات الموثقة لهذه الانفجارات الصوتية إلى القرن السابع عشر، حيث نسج الخيال الشعبي حولها شبكة من الأساطير والتفسيرات الميتافيزيقية؛ فقد اعتقد شعب سينيكا، السكان الأصليون للمنطقة، أن هذه الأصوات هي تعبير عن غضب إله مقدس بسبب انتهاك حرمة أراضي الصيد الخاصة بهم، بينما ذهب المستوطنون الأوروبيون الأوائل إلى تفسيرها على أنها أصوات طبول حربية تدقها أرواح الجنود الذين قضوا في حرب الاستقلال الأمريكية، وعلى الجانب العلمي، بقيت المحاولات لفهم **سر أصوات بحيرة سينيكا الغامضة** متواضعة حتى عام 1934، حينما طرح الجيولوجي الألماني هيرمان فيرتشايلد نظرية جريئة، افترض فيها أن غاز الميثان المحبوس في طبقات الأرض تحت البحيرة قد يتراكم وينفجر بشكل مفاجئ، وعندما تخترق هذه الفقاعات العملاقة سطح الماء، فإنها تحدث دويًا هائلًا، ورغم منطقية هذه الفرضية، إلا أنها ظلت مجرد نظرية تفتقر إلى الدليل المادي لعقود طويلة بسبب الطبيعة العشوائية للظاهرة واستحالة التنبؤ بها لرصدها بشكل مباشر.

  • تفسير شعب سينيكا: غضب إلهي ناتج عن تدنيس أراضي الصيد المقدسة.
  • تفسير المستوطنين: طبول حربية تدقها أرواح جنود حرب الاستقلال.
  • تفسير علمي مبكر: نظرية ثوران الغاز الجوفي التي اقترحها هيرمان فيرتشايلد.

كيف كشفت التكنولوجيا الحديثة دلائل جديدة حول أصوات بحيرة سينيكا؟

شهدت الفترة ما بين عامي 2018 و2024 نقطة تحول حاسمة في رحلة البحث عن حل للغز، حيث انطلق فريق علمي في مسح ميداني شامل لقاع بحيرة سينيكا باستخدام أحدث تقنيات السونار والمسح الجيولوجي، وكان الهدف الأساسي للمشروع هو توثيق حطام السفن التجارية التي غرقت في البحيرة خلال القرن التاسع عشر، ولكن ما اكتشفه الفريق كان أكثر إثارة بكثير؛ فقد كشفت البيانات عن وجود أكثر من 140 حفرة ضخمة وغامضة في قاع البحيرة، يتراوح قطر الواحدة منها بين عشرات ومئات الأمتار، وعلى الفور، اشتبه الباحثون في أن هذه التكوينات الجيولوجية غير العادية قد تكون المفتاح المفقود لفهم **سر أصوات بحيرة سينيكا الغامضة**، وهو ما دفعهم إلى تركيز جهودهم على دراسة هذه الحفر بعمق، معتمدين على معدات متطورة لتحليل طبقات الرواسب وتكوينها الكيميائي، وكانت هذه الخطوة هي بداية النهاية للغز الذي استمر لأكثر من 400 عام.

الفترة الزمنية الحدث الرئيسي في كشف لغز بحيرة سينيكا
القرن الـ 17 أول توثيق تاريخي لظاهرة “مدافع سينيكا”
عام 1934 طرح نظرية انفجار غاز الميثان لأول مرة
2018 – 2024 إجراء مسح ميداني حديث واكتشاف 140 حفرة في قاع البحيرة

تفسير نهائي يكشف سر أصوات بحيرة سينيكا الغامضة: انفجارات الميثان

أخيرًا، وبعد تحليل البيانات التي تم جمعها، أكد فريق بحثي مشترك من جامعة ولاية نيويورك وجامعة كورنيل أن **سر أصوات بحيرة سينيكا الغامضة** يكمن بالفعل في تسرب غاز الميثان من باطن الأرض، حيث أوضحت التحال mêmes الجيولوجية أن الغاز الطبيعي يتراكم ببطء على مدى سنوات طويلة داخل جيوب محصورة في الطبقات الرسوبية تحت قاع البحيرة، وعندما يصل الضغط داخل هذه الجيوب إلى نقطة حرجة، فإنه ينفجر بقوة هائلة، مطلقًا فقاعة غاز عملاقة تندفع بسرعة نحو السطح، وفي اللحظة التي تنفجر فيها هذه الفقاعة عند ملامستها للهواء، فإنها تُحدث موجة صدمية صوتية قوية تنتشر عبر المنطقة، وهو ما يسمعه السكان كصوت مدفع مدوٍ، وبهذا التأكيد العلمي الدقيق، تمكن العلماء من إثبات صحة النظرية التي طُرحت قبل قرن من الزمان، مقدمين حلًا نهائيًا لأحد أكثر الألغاز الطبيعية إثارة للحيرة.

وما يزيد من تفرد وغموض منطقة سينيكا هو أنها ليست موطنًا لهذه الظاهرة الصوتية الفريدة فحسب، بل تحتضن أيضًا أكبر قطيع معروف في العالم من الغزلان البيضاء النادرة، مما يرسخ مكانتها كموقع طبيعي استثنائي غني بالأسرار والعجائب.

كاتبة صحفية تهتم بمتابعة الأخبار وصياغة تقارير خفيفة وواضحة تقدم المعلومة للقارئ بسرعة وبأسلوب جذاب.