حماية الطفل من الاعتداء تبدأ دائمًا من الوعي المجتمعي الكامل، سواء كان ذلك عن طريق الأسرة أو المدرسة أو القوانين الرادعة، فما هي السبل الفاعلة لضمان سلامة أطفالنا في ظل تصاعد حوادث الاعتداء؟ بعد حديث الرئيس السيسي عن حماية الطفل، تزداد الحاجة لتطوير مفهوم الحماية ليشمل كل عناصر البيئة المحيطة بالطفل.
أهمية حماية الطفل من الاعتداء: الدور المجتمعي والتنفيذي
تتصاعد مطالبات المجتمع بتغليظ عقوبات الأطفال المعتدين وتعديل قوانين حماية الطفل بعد حوادث الاعتداء الأخيرة التي هزت الرأي العام، خاصة تلك المتعلقة بالطفل المعتدي الذي حُكم عليه بالحبس 15 عامًا بعد وفاة طفلة بحمام السباحة. الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد على أن حماية الطفل مسألة مجتمعية متكاملة، تبدأ بتطبيق القوانين بحزم دون استثناء، مع ضرورة رفع مستوى الوعي والفكر لدى المواطنين، ويشدد على أن الأسرة والمدرسة، فضلاً عن المؤسسات الدينية والإعلام، جميعها يلعبون دورًا أساسيًا في تعزيز حماية الطفل من الاعتداء. التنفيذ الصارم للقوانين لا يقتصر وحده على العقوبات، بل ينبع من وعي مجتمعي واقعي يُطبق بشكل يومي داخل الأسرة والمدرسة.
حماية الطفل من الاعتداء تبدأ من المنزل والمدرسة: إرشادات الأخصائي النفسي
تناول سؤال “هل تبدأ حماية الطفل من البيت أم المدرسة أم القانون؟” أجابت عليه الدكتورة صفاء حمودة، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، بالتأكيد على أن الوعي يبدأ من الأسرة، فالمنزل هو أول منبر للتوعية، ويجب على الأب والأم الانتباه لسلوكياتهم تجاه الطفل حتى لا يتم تقليدها بشكل سلبي. نصحت بعدم ممارسة عادات خاطئة كالتقبيل من الفم أو المشي عرياناً، أو السماح للأطفال بالاستحمام جماعياً، لأنها قد تُفسر خطأً كتعابير عن الحب، وتُشجع الطفل على قبول أي سلوك اعتداء من الغرباء. كما شددت على تعليم الطفل منذ سن الثالثة حدود جسمه، ومفاهيم الخصوصية والرفض، وإدراك الفرق بين المسموح والحرام. بالإضافة إلى ضرورة مراقبة سلوك الطفل في المدرسة، واختيار المؤسسات التعليمية التي تضمن وجود كاميرات مراقبة داخل الفصول، وتوفير وسائل اتصال إلكترونية للأهل لمتابعة الأبناء.
أنواع الاعتداءات على الطفل وطرق الحماية من الاعتداء
حسب اليونسكو، يواجه الأطفال في كل الأعمار والطبقات الاجتماعية خطر الاعتداء والإساءة، سواء الناتجة عن الإهمال أو جهل مقدمي الرعاية. وتصنف الاعتداءات إلى نوعين أساسيين؛ النوع الأول يشمل التلامس الجسدي مثل التقبيل والاحتضان غير المناسب أو ملامسة أجزاء الجسم بشكل غير لائق، أما النوع الثاني فهو الاعتداء غير الجسدي مثل إجبار الطفل على مشاهدة محتوى غير مناسب أو غير لائق. لذا فإن حماية الطفل من الاعتداء تبدأ بوعي الأهل وتوعيتهم لأهمية الإشراف الجيد، إضافة إلى تعليم الطفل مبادئ أساسية وهامة على النحو التالي:
- التواصل المستمر مع الأماكن التي يقضي فيها الطفل وقتًا مثل المدرسة أو النادي، والتحقق من إجراءات الأمان والرقابة.
- تعريف الطفل بالأشخاص المقربين منه وتشجيعه على الحديث عنهم بحرية.
- تعليم الطفل مبدأ الخصوصية والحدود وحقه في رفض أي لمس أو احتضان غير مريح مهما كان الشخص.
- التمييز بين الأسرار الآمنة التي لا تضر وبين الأسرار التي يجب إبلاغ الوالدين عنها فوراً.
- تعليم الطفل أسماء أجزاء جسده بشكل واضح، والتأكيد على أن جسده ملك له وحده.
- تعزيز ثقة الطفل بوالديه وتشجيعه على التحدث عن أي موقف يزعجه بدون خوف أو لوم.
كيفية التعامل مع الطفل بعد تعرضه للإساءة أو الاعتداء
حين يعلم الأهل بتعرض الطفل لأي إساءة، غالبًا ما تنتابهم مشاعر الخوف والغضب والارتباك، ولكن التعامل الصحيح يبدأ بتهيئة بيئة آمنة خاصة للحديث أو الأنشطة التي تساعد الطفل على التعبير. من اللازم تصديق الطفل والحفاظ على هدوء الأهل، ومنح الطفل مساحة للتحدث دون استجواب أو مقاطعة، مع تجنب الطلب المسبق لتكرار التفاصيل المؤلمة. يجب أيضًا سؤال الطفل عن احتياجاته وكيف يريد الحصول على حقه دون وعود غير قابلة للتنفيذ. قبل أي إجراء قانوني أو طبي، ينبغي إبلاغ الطفل بما سيحدث والحصول على موافقته وعدم إجباره على ما يرفضه. احترام خصوصية الطفل بالتزامن مع إشراك المتخصصين عند الحاجة يعزز دعائم حماية الطفل من الاعتداء.
بهذا يكتمل المشهد الاجتماعي والقانوني والتربوي لحماية الطفل من الاعتداء، وتأكيدًا على أهمية التعاون بين كل عناصر المجتمع لخلق بيئة آمنة وآدمية تحافظ على براءة وأمان الأطفال.
