جراحة المخ وبتر الأطراف: أدوات تكشف براعة الطب في مصر القديمة

جراحة المخ وبتر الأطراف: أدوات تكشف براعة الطب في مصر القديمة

الجراحة في مصر القديمة لم تكن مجرد ممارسة بدائية؛ بل كانت علماً متقدماً أرسى الأسس التي قامت عليها علوم الطب الحديثة، حيث تفوق المصريون القدماء في مجالات عدة كالهندسة والفلك، لكن براعتهم في الطب والجراحة تركت إرثاً خالداً موثقاً على جدران المعابد وفي البرديات الطبية الشهيرة مثل بردية برلين وكاهون وإدوين سميث، والتي كشفت عن فهم عميق للتشريح والممارسات العلاجية المتقدمة.

أدوات وتطور الجراحة في مصر القديمة: نظرة عن قرب

كانت الممارسة الجراحية متقدمة بشكل مذهل، حيث تؤكد المصادر التاريخية مثل “المكتبة الوطنية للطب” أن الأطباء استخدموا مجموعة متطورة من الأدوات التي تشابه إلى حد كبير ما يُستخدم في غرف العمليات اليوم؛ وقد شملت ترسانتهم الجراحية أدوات دقيقة ومعقدة أتاحت لهم إجراء تدخلات فعالة، وهو ما يعكس المستوى الرفيع الذي وصلت إليه ممارسة الجراحة في مصر القديمة، كما لم يقتصر الأمر على الأدوات المعدنية فقط؛ بل برعوا أيضاً في استخدام الضمادات المصنعة من مواد طبيعية، مثل أوراق نبات الصفصاف التي كانت تُستخدم لخصائصها المضادة للالتهاب، مما يثبت معرفتهم بالصيدلة النباتية وتطبيقاتها العلاجية.

  • المشرط والسكاكين المتنوعة للقطع الدقيق.
  • الملقط والمقص لإمساك الأنسجة وإزالتها.
  • الكماشة والمناشير للتعامل مع العظام.
  • الملاعق والخطافات لأغراض الفحص والتلاعب بالأنسجة.
  • أوعية البخور التي يُعتقد أنها كانت تُستخدم لأغراض التطهير أو التخدير الموضعي بالروائح.

أبرز العمليات الجراحية في مصر القديمة: من الكسور إلى الختان

تركزت خبرة الأطباء بشكل كبير على الجراحة السطحية أو الأساسية، وهي الإجراءات التي تتم على الجلد أو بالقرب منه، فقد كانوا يمتلكون مهارة فائقة في خياطة الجروح بطريقة فعالة تضمن التئامها بأفضل شكل ممكن، ومع ذلك، تشير الدلائل إلى أنهم تجنبوا غالباً العمليات الجراحية العميقة داخل الجسم؛ ربما بسبب غياب مواد التخدير القوية والمطهرات الفعالة التي نعرفها اليوم، ورغم هذه القيود، فإن نطاق ممارسات الجراحة في مصر القديمة كان واسعاً وشمل خياطة الجروح، وإيقاف النزيف بالكي، وفتح وتصريف الدمامل والخراجات باستخدام قطع من الكتان، بالإضافة إلى إجراء عمليات الختان للذكور، كما وثقت بعض التقارير نجاحهم في إجراء عمليات جراحية لعلاج الفتق، وقد أظهر الطب المصري القديم نجاحاً باهراً في علاج كسور العظام وتثبيت المفاصل المخلوعة؛ حيث ابتكروا جبيرة فريدة مصنوعة من الكتان المنقوع في مادة صمغية لزجة تتصلب لتثبيت الكسر، وعالجوا الكتف المخلوع بأسلوب يشبه “طريقة كوشر” الحديثة، وردوا الفك السفلي المخلوع بنفس الطريقة المستخدمة اليوم، مما يدل على فهم عميق لميكانيكا الجسم البشري.

بردية إدوين سميث ودورها في توثيق الجراحة في مصر القديمة

تعتبر بردية إدوين سميث، التي يعود تاريخها إلى عام 1600 قبل الميلاد، أهم وثيقة تاريخية تلقي الضوء على مستوى الجراحة في مصر القديمة، وقد حصل عليها مكتشفها إدوين سميث عام 1862، وهي تقدم دليلاً قاطعاً على أن الممارسات الطبية لم تكن مجرد سحر وشعوذة بل كانت تستند إلى الملاحظة العلمية والمنهجية، حيث تحتوي البردية على 17 صفحة توثق دراسات حالة مفصلة لإصابات مختلفة، مما يجعلها مرجعاً لا يقدر بثمن لفهم العقلية الطبية في تلك الحقبة.

الموضوع التفاصيل
الحالات الموثقة 62 حالة مرضية وجراحية
النطاق الجغرافي للإصابات إصابات الرأس والرقبة والذراعين

تناقش البردية طرق التشخيص والتنبؤ بمصير الحالة وسبب الصدمة، ومن بين 62 حالة، قدمت البردية علاجاً لـ 14 حالة فقط، وتضمنت العلاجات المذكورة تقنيات متطورة مثل إغلاق الجروح بالخيوط الجراحية، واستخدام العسل لمنع العدوى بفضل خصائصه المضادة للبكتيريا، ووضع اللحم النيئ على الجروح لوقف النزيف، كما أوصت بتثبيت الرأس والرقبة في حالات إصابات العمود الفقري، وقدمت ملاحظات تشريحية دقيقة، وتعد البردية أول من وثق ست حالات من إصابات العمود الفقري مع وصف دقيق للأعراض وطرق العلاج لثلاث منها.

كاتبة صحفية متخصصة في مجال التكنولوجيا، تتابع أحدث الابتكارات الرقمية وتبسط المعلومات للقارئ بأسلوب واضح وسهل الفهم.