لماذا تخلت حتشبسوت عن حروب الفراعنة وركزت على التجارة لبناء إمبراطوريتها؟

لماذا تخلت حتشبسوت عن حروب الفراعنة وركزت على التجارة لبناء إمبراطوريتها؟

تُعد إنجازات الملكة حتشبسوت في عصر الدولة الحديثة علامة فارقة في تاريخ مصر القديمة، حيث تبرز قصة خامس حكام الأسرة الثامنة عشرة كواحدة من أكثر الشخصيات إثارة للإعجاب والجدل؛ فقد حكمت البلاد بقوة وحكمة لما يقرب من 22 عامًا، بين عامي 1479 و1458 قبل الميلاد تقريبًا، وأثبتت أن القيادة العظيمة ليست حكرًا على الرجال، محققة نهضة حضارية واقتصادية فريدة.

كيف رسخت إنجازات الملكة حتشبسوت في عصر الدولة الحديثة حكمها؟

لم يكن طريق حتشبسوت إلى العرش مفروشًا بالورود، بل كان نتيجة طموح سياسي ورؤية إدارية ثاقبة؛ فكونها الابنة الكبرى للملك تحتمس الأول والملكة أحمس، كانت تتمتع بنسب ملكي أصيل، وبعد وفاة والدها، تزوجت من أخيها غير الشقيق تحتمس الثاني لتعزيز شرعية حكمه، وعندما توفي زوجها مبكرًا، أصبح العرش من نصيب ابنه الصغير، تحتمس الثالث، الذي كان لا يزال طفلًا رضيعًا، وهنا بدأت أولى **إنجازات الملكة حتشبسوت في عصر الدولة الحديثة**، حيث تولت الوصاية على العرش بكفاءة نادرة، لكنها لم تكتفِ بهذا الدور التقليدي؛ ففي خطوة جريئة وغير مسبوقة، نصبت نفسها فرعونًا حاكمًا للبلاد، متخذة كافة الألقاب الملكية، بل وتحدت التقاليد المجتمعية الذكورية بتصوير نفسها في النقوش والتماثيل بالزي الملكي الذكوري واللحية المستعارة، لتؤكد بذلك على سلطتها المطلقة وشرعيتها كحاكمة لمصر.

الشخصية الملكية علاقتها بحتشبسوت
تحتمس الأول الأب
تحتمس الثاني الأخ غير الشقيق والزوج
تحتمس الثالث ابن الزوج والوريث الشرعي

ما هي أبرز إنجازات الملكة حتشبسوت المعمارية والتجارية؟

على عكس العديد من الفراعنة الذين ركزوا على التوسعات العسكرية، تميز عهدها بالسلام والاستقرار الداخلي، مما سمح لها بتوجيه موارد الدولة نحو مشاريع بناء ضخمة وتنشيط التجارة الدولية، لتصبح هذه المشروعات من أهم **إنجازات الملكة حتشبسوت في عصر الدولة الحديثة**؛ ويقف معبدها الجنائزي في الدير البحري بالبر الغربي للأقصر شاهدًا أبديًا على عبقريتها المعمارية، حيث يتميز بتصميمه الفريد المكون من ثلاث مصاطب متدرجة منحوتة في قلب الصخر، وتزين جدرانه نقوش تسرد قصة ولادتها الإلهية ورحلاتها التجارية، كما أمرت بإنشاء مسلتين شاهقتين من الجرانيت في معبد الكرنك تكريمًا للإله آمون، ولا تزال إحداهما قائمة حتى اليوم لتذكرنا بعظمتها، وقد أثرت هذه الأعمال على مكانتها بشكل كبير.

لم تقتصر رؤيتها على البناء فقط، بل امتدت لتشمل نهضة اقتصادية شاملة، فكانت إعادة تنشيط حركة التجارة الخارجية جوهر إنجازات الملكة حتشبسوت في عصر الدولة الحديثة؛ فقد أعادت فتح المناجم والمحاجر التي أُهملت لفترات طويلة، وأمرت بإعادة حفر القناة التي تربط بين نهر النيل والبحر الأحمر لتسهيل حركة السفن التجارية، لكن الإنجاز الأبرز يبقى بعثتها التجارية الأسطورية إلى “بلاد بونت”، التي يُعتقد أنها تقع في منطقة الصومال الحالية أو جنوب شبه الجزيرة العربية، وقد عادت هذه البعثة الضخمة محملة بكنوز لم تشهدها مصر من قبل، وهو ما انعكس على ازدهار الاقتصاد المصري بشكل غير مسبوق.

  • البخور والمر والعطور النادرة.
  • الأخشاب الثمينة مثل الأبنوس والعاج.
  • الجلود والحيوانات الغريبة والمفترسة.
  • أشجار البخور التي تم زراعتها لأول مرة في مصر.

لماذا فشلت محاولات محو إنجازات الملكة حتشبسوت في عصر الدولة الحديثة؟

رغم العصر الذهبي الذي شهدته مصر تحت حكمها، فإن نهاية إرثها لم تكن هادئة كما كانت حياتها؛ فبعد وفاتها لأسباب طبيعية على الأرجح، تولى تحتمس الثالث الحكم منفردًا وبدأ حملة منظمة لمحو ذكرى حتشبسوت من التاريخ، حيث قام بتدمير وتشويه تماثيلها ونقوشها في المعابد، ومحا اسمها من السجلات الملكية في محاولة لإعادة تأكيد السلطة الذكورية التقليدية وترسيخ شرعية حكمه الذي انتظر طويلًا، وكان الهدف هو طمس **إنجازات الملكة حتشبسوت في عصر الدولة الحديثة** بالكامل من الذاكرة المصرية، ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع، لأن قوة وعظمة ما تركته من آثار كانت أكبر من أي محاولة للمحو.

لقد نجحت حتشبسوت في تخليد اسمها بفضل ما شيدته من صروح معمارية لا تزال تبهر العالم، وبفضل النقوش الدقيقة التي سجلت تفاصيل حكمها؛ وبذلك، بقيت إنجازات الملكة حتشبسوت في عصر الدولة الحديثة شاهدة على رؤية امرأة استثنائية تحدت التاريخ وصنعت لنفسها مكانة فريدة بين أعظم ملوك مصر القديمة.

كاتب صحفي يهتم بتقديم الأخبار والتقارير بشكل مبسط وواضح، مع متابعة مستمرة للتفاصيل وتقديم المعلومة للقارئ بصورة دقيقة وسريعة.