بعد 3200 عام.. كيف نجا تمثال رمسيس الثاني من خطر حقيقي هدد وجوده في القاهرة؟

بعد 3200 عام.. كيف نجا تمثال رمسيس الثاني من خطر حقيقي هدد وجوده في القاهرة؟

تُعد قصة تمثال رمسيس الثاني ومراحل نقله واحدة من أروع الحكايات التي تجسد عظمة الحضارة المصرية القديمة، فهي لا تروي فقط سيرة الملك الأقوى رمسيس الثاني، ثالث حكام الأسرة التاسعة عشرة، بل تسرد رحلة ملحمية لرمز خالد انتقل عبر العصور ليحكي عن عبقرية الفن المصري وقدرة الأمة على صون تراثها العظيم.

ما سر عظمة قصة تمثال رمسيس الثاني ومراحل نقله عبر التاريخ؟

بدأت فصول هذه القصة المذهلة في عام 1820 عندما اكتشف المستكشف الإيطالي جيوفاني باتيستا كافيجليا هذا الأثر العملاق بالقرب من ممفيس، العاصمة المصرية القديمة، وتحديدًا في معبد ميت رهينة العظيم؛ حيث وجده ملقى على الأرض ومقسمًا إلى ستة أجزاء ضخمة، ومنذ تلك اللحظة، انطلقت رحلة إعادة تجميع وإحياء هذا الشاهد الحجري على العصر الذهبي لمصر، لتستمر قصة تمثال رمسيس الثاني ومراحل نقله في إبهار العالم بأسره، فهذا التمثال ليس مجرد كتلة من الحجر، بل هو سجل خالد لإرث فرعون عظيم.

إن المواصفات الفيزيائية للتمثال تعكس بدقة القوة والهيبة التي أراد الملك أن يخلدها؛ فهو منحوت من الجرانيت الوردي البديع ويتميز بتفاصيل فنية فريدة تجعله تحفة لا مثيل لها، وتتجسد أبعاده المهيبة في النقاط التالية:

  • المادة: الجرانيت الوردي (الأحمر) الذي يشتهر بصلابته وجماله.
  • الارتفاع: يبلغ طوله الشاهق ما بين 11 و 12 مترًا، مما يمنحه حضورًا طاغيًا.
  • الوزن: يصل وزن التمثال وحده إلى حوالي 83 طنًا، ومع قاعدته يتجاوز 123 طنًا.
  • الهيئة: يصور الملك واقفًا بثقة، مرتديًا غطاء الرأس الفرعوني “النمس”، ومزينًا برمز الكوبرا “الصل” الذي يمثل السلطة الملكية والحماية الإلهية.

تكمن الأهمية التاريخية والأثرية للتمثال في أنه يمثل الفرعون الذي لُقب بـ “الجد الأعظم”، والذي امتد حكمه لنحو 66 عامًا مليئة بالإنجازات العسكرية والتوسعات الجغرافية، فهو صاحب أقدم معاهدة سلام في التاريخ مع الحيثيين، وصاحب أكبر إرث معماري فرعوني شمل معابد ومسلات لا تزال قائمة حتى اليوم، وكان التمثال يهدف إلى ترسيخ مكانة الملك الإلهية وربطه بالمعبود الرئيسي آمون رع، مصورًا إياه في صورة مثالية بجسد قوي ووجه شاب يرمزان للخلود والقوة الأبدية، وهو ما يفسر لماذا أصبحت قصة تمثال رمسيس الثاني ومراحل نقله جزءًا لا يتجزأ من هوية مصر.

رحلة أسطورية: تفاصيل مراحل نقل تمثال رمسيس الثاني

لم تقتصر رحلة التمثال على اكتشافه فقط، بل شهد العصر الحديث مغامرات نقل معقدة تعكس مدى اهتمام الدولة المصرية بالحفاظ على كنوزها، فقد كانت كل محطة نقل بمثابة فصل جديد يُضاف إلى قصة تمثال رمسيس الثاني ومراحل نقله الأسطورية، ويمكن تلخيص هذه الرحلة الملحمية في الجدول التالي:

المرحلة الوجهة الأهمية والدلالة
النقل الأول (1955) ميدان باب الحديد (رمسيس لاحقًا) بالقاهرة أصبح رمزًا حضاريًا ومعلمًا رئيسيًا للعاصمة الحديثة بأمر من الرئيس جمال عبد الناصر.
النقل الثاني (2006) منطقة الأهرامات بالجيزة (موقع مؤقت) تم نقله لحمايته من التلوث والاهتزازات التي هددت سلامة نقوشه ومادته.
النقل الثالث (2018) البهو العظيم بالمتحف المصري الكبير استقر في مقره الأبدي ليكون أول مستقبل لزوار الصرح الثقافي الأضخم في العالم.

كانت عملية النقل الأخيرة في عام 2018 بمثابة ملحمة هندسية بكل المقاييس؛ حيث استُخدمت تقنيات فائقة التطور لضمان سلامة الأثر الذي لا يقدر بثمن، فقد تم الاعتماد على أجهزة ليزر دقيقة لتحديد أبعاد التمثال وتجهيز مسار آمن له، وتم وضعه على مركبة خاصة مزودة بـ 128 عجلة موزعة على 16 محورًا لتوزيع وزنه الهائل بشكل متساوٍ، مع تغليفه بطبقات حماية متخصصة، وقد تمت العملية بالكامل والتمثال في وضعية الوقوف للحفاظ على استقراره، لتكون هذه الخطوة شاهدًا على براعة الهندسة الحديثة في خدمة التاريخ العريق.

عرش الخلود: كيف انتهت قصة تمثال رمسيس الثاني ومراحل نقله؟

اليوم، يقف تمثال رمسيس الثاني شامخًا في بهو المتحف المصري الكبير، حيث يمثل نقطة الجذب المحورية التي تستقبل الزوار من كل أنحاء العالم، ولم يكن اختيار هذا الموقع مصادفة؛ بل هو رسالة رمزية مفادها أن أعظم ملوك مصر القديمة هو من يرحب بضيوف حضارته في مقرها الجديد، ويقف التمثال أمام واجهة زجاجية عملاقة، وكأنه ينظر إلى الأهرامات، ليربط بشكل مرئي ومؤثر بين عظمة الماضي وتطلعات المستقبل، وبذلك تكتمل فصول قصة تمثال رمسيس الثاني ومراحل نقله التي أصبحت جزءًا من التراث الإنساني.

إن وجود التمثال في هذا الصرح العظيم لا يبرز فقط عظمة الحضارة المصرية وتفردها، بل يؤكد أيضًا على أن قصة تمثال رمسيس الثاني ومراحل نقله هي شهادة حية على الخلود.

كاتب صحفي يهتم بتقديم الأخبار والتقارير بشكل مبسط وواضح، مع متابعة مستمرة للتفاصيل وتقديم المعلومة للقارئ بصورة دقيقة وسريعة.