يمثل الدعم السعودي لقطاع التعليم في اليمن حجر زاوية حيوي في مواجهة التحديات التي فرضتها سنوات الصراع الطويلة، حيث أسهم التعاون المثمر مع المملكة العربية السعودية في إعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية وتدريب الكوادر التربوية، مما ساهم بشكل مباشر في استعادة استقرار العملية التعليمية وضمان استمراريتها في ظل الظروف الاستثنائية والمعقدة التي تمر بها البلاد.
جهود إعادة الاستقرار عبر الدعم السعودي لقطاع التعليم في اليمن
تأثر قطاع التعليم بشكل كبير كجزء لا يتجزأ من المنظومة الاقتصادية والاجتماعية التي عانت من تبعات الحرب والانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة، حيث تعرضت البنية التحتية التعليمية لأضرار بالغة وتوقفت الدراسة في العديد من المديريات نتيجة تدمير المدارس أو تحويلها إلى ثكنات عسكرية، ومع ذلك، وبفضل الجهود الحكومية والمحلية، وبمساندة فاعلة من الجهات المانحة وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، تم تحقيق حالة من الاستقرار النسبي التي سمحت باستمرار العملية التربوية، وقد برز الدعم السعودي لقطاع التعليم في اليمن من خلال مبادرات رائدة للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، الذي عمل على افتتاح مدارس نموذجية مجهزة بأحدث الوسائل التعليمية بهدف تعزيز البيئة الدراسية، بالإضافة إلى جهود مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
لقد تضمنت هذه المبادرات مشروعات نوعية مثل استلحاق التعليم للفتيات المتسربات وحملات العودة للمدارس، والتي اشتملت على تسليم فصول دراسية بديلة في المناطق الأكثر احتياجاً، مما أدى إلى استعادة جزء كبير من الاستقرار للعملية التعليمية، واليوم يمكن ملاحظة تحسن ملموس على مستوى البنية التحتية، لكن المنظومة التعليمية ككل ما تزال تواجه تحديات جسيمة، أبرزها الآثار الاقتصادية التي انعكست سلباً على الوضع المعيشي للمعلمين والأسر، وهو ما تسبب في زيادة حالات التسرب المدرسي بين الطلاب بسبب الظروف القاسية.
أبرز تحديات التعليم في اليمن وكيفية الحفاظ على المناهج الدراسية
تمثل المحافظة على المناهج الدراسية معركة حقيقية خاضتها الحكومة اليمنية ضد محاولات الحوثيين لتعديل المواد الدراسية في مناطق سيطرتهم، إذ إن قرار المناهج لا يقتصر على الجانب الفني فقط بل هو قرار علمي وسياسي يتطلب رؤية وطنية شاملة وتوافقاً مع توجهات القيادة السياسية، وفي المحافظات المحررة، كان الحرص شديداً على إبقاء المناهج كما هي دون تغيير أو تعديل لتجنب تعميق الصراع السياسي وتجاوز مرحلة الحرب، وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية، تم التركيز على تطوير المهارات والوسائل التعليمية التي تساهم في تدريس المناهج الحالية بأفضل الطرق الممكنة، مع تأجيل أي خطط تطوير شاملة للمناهج إلى حين توفر الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية الملائمة، ويأتي هذا في سياق الاعتزاز بالجهود الكبيرة التي تبذلها الكوادر التربوية لتحقيق النجاح رغم كل الصعاب.
إن المشكلات التي تواجه المنظومة التعليمية متعددة، ولكن أبرزها يتمثل في الواقع الاقتصادي المتردي وتدني أجور المعلمين، إضافة إلى ضعف البنية التحتية التي تضررت بشدة، فالمعضلة الاقتصادية ألقت بظلالها على القطاع التربوي بشكل مباشر، خصوصاً فيما يتعلق بعدم انتظام صرف المرتبات، مما يمثل تحدياً كبيراً تبذل الحكومة جهوداً حثيثة لمعالجته وتجاوز الأزمة في المستقبل القريب.
شراكة استراتيجية لتأهيل الكوادر: تعزيز الدعم السعودي لقطاع التعليم في اليمن
يُعد التنسيق والتعاون مع المملكة العربية السعودية في مجال تدريب وتأهيل المعلمين والمعلمات عنصراً أساسياً في استراتيجية النهوض بالتعليم، حيث يحظى القطاع التعليمي باهتمام كبير من الأشقاء في المملكة، وهو ما انعكس في مبادرات ملموسة تُعزز من فعالية الدعم السعودي لقطاع التعليم في اليمن، وتجاوزت هذه الجهود مجرد الدعم المادي لتشمل برامج نوعية تهدف إلى رفع كفاءة الكوادر التربوية، ويُعد مشروع “الشهادات الدولية المهنية للمعلمين”، الممول من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، مثالاً بارزاً على هذا التوجه الذي يستهدف تحسين جودة التعليم واستدامته، وتساهم هذه الجهود الأخوية في التخفيف من معاناة القطاع التعليمي، وتعمل الوزارة بشكل مشترك مع الشركاء السعوديين لتنفيذ مشاريع تخدم البيئة التعليمية على المدى الطويل.
أما فيما يخص المباني المدرسية، فقد تم العمل بجد لتجاوز النقص الناتج عن الدمار الذي خلفته الحرب، ونجحت الجهود في رفع الطاقة الاستيعابية للطلاب وتقليل الازدحام عبر إعادة تأهيل وبناء العديد من المدارس، وتجسدت أبرز جوانب الدعم السعودي لقطاع التعليم في اليمن من خلال المشاريع التي نفذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن ومركز الملك سلمان للإغاثة في مختلف المحافظات، وتشمل المشاريع المستقبلية للوزارة الخطة القطاعية 2024-2030، التي تم تصميمها بكوادر وطنية وبمشاركة المانحين للاستجابة لاحتياجات المرحلة.
تتضمن هذه الخطة الاستراتيجية مجموعة من التدخلات التي تم تصميمها بعناية، وتشمل:
- زيادة القدرة الاستيعابية للمدارس القائمة.
- بناء فصول دراسية جديدة ونموذجية.
- تطوير برامج تدريب مستمر للمعلمين.
- مواءمة خطط التمويل مع الاحتياجات الميدانية الفعلية.
إن الإدراك المتزايد بأهمية التعليم كمفتاح للاستقرار ومواجهة سياسات التجهيل يبعث على التفاؤل الكبير بمستقبل أفضل للتعليم في اليمن، فالدروس المستفادة من سنوات الحرب تؤكد أن التعليم هو الأساس لمعالجة الإشكاليات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
