وزير التعليم يصف نموذج الجامعات الأهلية بـ”غير المستدام” لاعتمادها على الرسوم بنسبة 90%.
يبدو أن مستقبل التعليم الأهلي في السعودية يقف على أرض هشة، حيث كشف وزير التعليم يوسف بن عبد الله البنيان عن حقيقة مقلقة تتمثل في أن 90% من إيرادات الجامعات الخاصة تأتي حصريًا من الرسوم الدراسية التي يدفعها الطلاب، وهو ما يضع القطاع بأكمله تحت ضغط مالي هائل ويجعل استدامته مرهونة بمصدر دخل واحد فقط.
هل يواجه مستقبل التعليم الأهلي في السعودية أزمة بسبب الرسوم الدراسية؟
يؤكد هذا الاعتماد شبه الكامل على جيوب الطلبة وأولياء أمورهم وجود خلل هيكلي عميق في تمويل الجامعات الأهلية، فبينما تتجه الأنظار نحو بناء اقتصاد معرفي متنوع، لا تزال هذه المؤسسات تعتمد على نموذج تمويل تقليدي يفتقر للمرونة؛ وقد صرح الوزير بأن التركيز في المرحلة القادمة يجب أن ينصب على دمج البحث والتطوير ضمن استراتيجيات التعليم الأهلي لتوليد مصادر دخل جديدة، وهذا الاعتراف الرسمي يسلط الضوء على حجم التحدي الذي يهدد مستقبل التعليم الأهلي في السعودية إذا لم يتم تداركه سريعًا عبر خطط مالية مبتكرة.
أسباب تهدد استدامة الجامعات الأهلية في المملكة
تعود جذور هذه الأزمة إلى مشكلات متراكمة لم يتم التعامل معها بفعالية، فعلى الرغم من إطلاق نظام الجامعات الجديد الذي يهدف إلى منح المؤسسات التعليمية مرونة إدارية ومالية أكبر، ما زالت الجامعات الأهلية تكافح للتخلص من هذا الاعتماد الخطير، فالاستثمار في البحث العلمي والتطوير لا يزال ضعيفًا للغاية، كما أن بناء شراكات استراتيجية ومثمرة مع القطاع الخاص لم يصل بعد إلى المستوى المأمول، وهذا الوضع يعيد إلى الأذهان مشكلة الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل التي عملت المملكة جاهدة على تجاوزها، مما يجعل التنويع المالي ضرورة لا غنى عنها لضمان استدامة الجامعات.
إن التحديات التي تعترض طريق الجامعات الأهلية متعددة وتتطلب حلولًا جذرية، فهذه المؤسسات تواجه ضغوطًا متزايدة للبقاء في سوق تنافسي مع الحفاظ على جودة التعليم، ويمكن تلخيص أبرز العقبات التي تعرقل تطورها في النقاط التالية:
- الاعتماد المالي شبه الكامل على الرسوم الدراسية للطلاب.
- ضعف الميزانيات المخصصة للاستثمار في البحث والتطوير العلمي.
- غياب الشراكات الفاعلة والمستدامة مع مؤسسات القطاع الخاص.
- الحاجة الملحة لابتكار نماذج تمويل جديدة تتجاوز المصادر التقليدية.
يتردد صدى هذه المخاوف بقوة بين الأسر والطلاب الذين باتوا يخشون من موجة جديدة من الضغوط المالية، فالزيادات المحتملة في الرسوم الجامعية قد تحول المسار التعليمي إلى عبء لا يطاق بالنسبة للكثيرين، وهذا الأمر لا يؤثر فقط على الجانب المالي بل يمتد ليؤثر على استقرار الطلاب النفسي وتحصيلهم الأكاديمي، وهنا يبرز التحدي الأكبر أمام صانعي السياسات وقادة الجامعات، فهل سيتمكنون من تصميم نماذج تمويل مبتكرة تضمن استمرارية الجامعات الأضعف أم أن شبح الإغلاق سيصبح واقعًا يواجه بعضها.
تنويع مصادر الدخل ضرورة حتمية لمستقبل التعليم الأهلي في السعودية
إن كسر حلقة الاعتماد على الرسوم الدراسية لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة ملحة لضمان بقاء وتطور قطاع التعليم الأهلي، ويتطلب هذا التحول استراتيجية شاملة تتجاوز الحلول المؤقتة وتركز على بناء أسس مالية متينة، فالجامعات مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى لاستكشاف آفاق جديدة مثل تفعيل الأوقاف التعليمية، وتأسيس شركات تابعة لها، وتقديم خدمات استشارية متخصصة للقطاعين العام والخاص، فمثل هذه المبادرات لن تضمن الاستقرار المالي فحسب، بل ستعزز أيضًا من دور الجامعات كشريك أساسي في التنمية الوطنية، وتضمن سلامة مستقبل التعليم الأهلي في السعودية.
إن هذه الهشاشة المالية التي كشفتها الأرقام الرسمية تدق ناقوس الخطر، وتدعو الجامعات الأهلية إلى إعادة التفكير في نماذج عملها بشكل جذري للبحث عن حلول تمويل مبتكرة ومستدامة، فالمستقبل يتطلب مرونة وقدرة على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية والعلمية المتسارعة في السوق المحلي والعالمي.
