من الشاشة إلى المرض.. كيف تدفعنا التكنولوجيا نحو الأمراض المزمنة دون أن ندري

من الشاشة إلى المرض.. كيف تدفعنا التكنولوجيا نحو الأمراض المزمنة دون أن ندري

الآثار الصحية للإفراط في استخدام التكنولوجيا أصبحت واقعًا ملموسًا في عصرنا الرقمي، فبينما قدمت لنا التكنولوجيا الحديثة سهولة غير مسبوقة في التواصل وإنجاز المهام المتعددة من مكان واحد، إلا أن هذا الاعتماد المتزايد يمهد الطريق لمخاطر صحية جسيمة، حيث يؤدي الاستخدام المفرط للأجهزة المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي إلى مشاكل مباشرة مثل إجهاد العين واضطرابات النوم، فضلًا عن مخاطر طويلة الأمد ترتبط بالخمول البدني.

كيف تؤثر الآثار الصحية للإفراط في استخدام التكنولوجيا على صحتك النفسية؟

يُعد التأثير النفسي أحد أبرز جوانب الآثار الصحية للإفراط في استخدام التكنولوجيا، حيث يتجاوز الأمر مجرد قضاء وقت طويل أمام الشاشات ليصل إلى أعماق الحالة النفسية للفرد، وتعتبر صورة الجسم السلبية من أكثر التأثيرات التي تمت دراستها، خاصة فيما يتعلق بمنصات التواصل الاجتماعي المعتمدة على الصور؛ فقد أظهرت الأبحاث أن هذه المنصات ترتبط بشكل أقوى بتدني رضا الشخص عن مظهره مقارنة بالمنصات النصية، ويرجع ذلك إلى سلوكيات شائعة مثل التقاط الصور الشخصية وتعديلها بشكل مبالغ فيه، ومتابعة المحتوى الذي يروج لمعايير جمال غير واقعية كالنحافة المفرطة، والتعليقات التي تمجد شكل الجسم المثالي، وفي المقابل، لوحظ أن المحتوى الذي يحتفي بإيجابية الجسم ويعزز نظرة صحية لجميع الأجسام بغض النظر عن شكلها أو حجمها يساهم في تحسين هذه الصورة الذهنية، كما توجد صلة قوية وموثقة بين الاستخدام المفرط لمنصات التواصل الاجتماعي وزيادة معدلات الاكتئاب، مما يشير إلى أن الانغماس غير الصحي في هذا العالم الرقمي قد يجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية.

الأضرار الجسدية: الوجه الآخر للآثار الصحية للإفراط في استخدام التكنولوجيا

لا تقتصر الآثار الصحية للإفراط في استخدام التكنولوجيا على الجانب النفسي فحسب، بل تمتد لتشمل مجموعة واسعة من المشاكل الجسدية التي تنشأ مباشرة من استخدام الأجهزة أو كنتيجة غير مباشرة لنمط الحياة الخامل الذي تفرضه، ويمكن أن يؤدي التحديق المستمر في شاشات الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر إلى إجهاد العين الرقمي، الذي تشمل أعراضه جفاف العين وتعبها والصداع المستمر، ويمكن التخفيف من هذه المشكلة عبر أخذ فترات راحة منتظمة، كما أن اضطرابات النوم أصبحت شائعة، حيث كشفت دراسة أجريت عام ٢٠٢١ أن استخدام الهاتف المحمول قبل النوم مباشرة، خاصة لمشاهدة محتوى مشحون عاطفيًا، يؤدي إلى صعوبة في النوم، وينصح باستبدال هذه العادة بأنشطة مهدئة مثل القراءة أو تمارين التمدد الخفيفة، والأخطر من ذلك هو أن الخمول البدني الناجم عن ساعات الجلوس الطويلة يفتح الباب أمام أمراض عضوية خطيرة.

  • أمراض القلب والأوعية الدموية.
  • ارتفاع ضغط الدم المزمن.
  • داء السكري من النوع الثاني.
  • اضطرابات القلق والاكتئاب.
  • بعض أنواع مرض السرطان.

استراتيجيات الوقاية من الآثار الصحية للإفراط في استخدام التكنولوجيا

إن مواجهة الآثار الصحية للإفراط في استخدام التكنولوجيا تتطلب تبني نهج استباقي يركز على تعديل نمط الحياة لتعويض فترات الجلوس الطويلة، وتعد ممارسة النشاط البدني المنتظم حجر الزاوية في الوقاية من المشكلات الصحية المرتبطة بالخمول، حيث تشير التوصيات الطبية إلى ضرورة تخصيص وقت محدد للرياضة واعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الروتين الأسبوعي، فبحسب الأبحاث التي أجريت عام ٢٠٢٠ والتي ربطت بين استخدام الأجهزة الإلكترونية وزيادة وقت الجلوس، أصبح من الضروري إدراج الحركة لمواجهة الأضرار الصحية طويلة المدى، ويجب أن يكون الهدف هو دمج أنشطة متنوعة لضمان صحة شاملة للجسم.

نوع النشاط التوصية الأسبوعية
نشاط هوائي متوسط الشدة (مثل المشي السريع) 150 دقيقة على الأقل (30 دقيقة، 5 أيام)
أنشطة تقوية العضلات (لكل المجموعات العضلية) يومان على الأقل في الأسبوع

بالإضافة إلى ذلك، فإن اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يلعب دورًا محوريًا في تعزيز مناعة الجسم وقدرته على مقاومة الأمراض التي قد تنجم عن نمط الحياة الرقمي، وبهذا يمكن تحقيق توازن صحي يتيح الاستفادة من مزايا التكنولوجيا مع تجنب مخاطرها.

كاتبة صحفية متخصصة في مجال التكنولوجيا، تتابع أحدث الابتكارات الرقمية وتبسط المعلومات للقارئ بأسلوب واضح وسهل الفهم.