تفسير أية “وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم” يكشف عن حكم إلهي واضح بشأن خطورة التلفظ بكلام بلا علم ونقل الإشاعات، لاسيما حين يتعلق الأمر بأصحاب مكانة دينية عظيمة، حيث قال الله تعالى: “وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ”، مما يؤكد أن ما يبدو للبشر هينًا قد يكون عظيماً عند الله وله تبعات بالغة.
تفسير أية “وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم” في سياق حادثة الإفك
تفسير أية “وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم” مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحادثة المعروفة بالإفك التي تعرضت لها السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث جاءت الآية في سورة النور لتُحذر المسلمين من تبليغ ونقل حديث بلا علم، خاصة إذا كان ذلك يسيء لأشخاص ذوي مكانة نبيلة. فقد كانت الآية تُذكّر أن ما قد يتصوره الإنسان بسيطاً في ظاهره، هو في الحقيقة أمر جلل وعظيم عند الله، وله محاسبة شديدة؛ إذ جاء في قوله تعالى: “إذ تَلَقَّوْنهُ بِأَلْسِنَتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم”. هذه الآية تُسلط الضوء على مدى خطورة الشائعات والكلام غير المدروس وتأثيره في المجتمع الإسلامي.
سبب نزول أية “وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم” وتفسيرها الشرعي
سبب نزول أية “وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم” يعود لحادثة الإفك التي نسب فيها بعض الصحابة وغيرهم كلاماً كاذباً للسيدة عائشة رضي الله عنها، مما أدى إلى انتشار إشاعات زائفة بين المسلمين. يذكر تفسير القرطبي أن هذه الآية جاءت كتحذير صارم من نقل الأخبار دون تأكد، حيث يقول مجاهد وسعيد بن جبير: “تلقون الحديث عن بعضكم بعضًا”، أي يتبادلون الأقاويل بدون تحقق. وأوضح تفسير الطبري أن الناس ظنوا أن مجرد تداول هذه الشائعات ليس له أثر خطير؛ لكن الله بيّن له عظمة ما يحصل وعقوبته لأن ذلك أذى للنبي وأسرته الكريمة. كما أشارت الأحاديث النبوية الصحيحة إلى أن الكلام بلا علم قد يوقع صاحبه في سخط الله وعذابه الشديد، وهو ما يعزز مفهوم التحذير من أية “وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم”.
معنى أية “وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم” ودلالاتها في حفظ اللسان
معنى أية “وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم” يرتكز على تحذير قوي من التهاون بالكلام واعتباره أمرًا يسيرًا بلا تبعات، لاسيما الكلام الذي يؤذي مكانة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الكرام، فالعبارات التي نستخدمها لها وزنها العظيم عند الله مهما بدت بسيطة عند الناس. يمكن تفصيل ذلك كما يلي:
- تحسبونه هينًا: تعني الاعتقاد بأن الكلام الموجه بلا حق لا يترك أثرًا ولا يعاقب عليه.
- وهو عند الله عظيم: يؤكد أن كل قول دون علم يمس شرف النبي وأهله ويترتب عليه جزاء وعقاب عظيم.
- توضح الآية أن الله لا يغفل عن أي كلمة تُلفظ، وأن الإنسان مسؤول عن كل حرف يصدر منه، مهما بدا للبعض صغيرًا، مما يحث الأمة على الحذر في حفظ الألسنة وتجنب نقل الأقاويل غير المؤكدة.
إن تفسير أية “وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم” هو دعوة صريحة للمسلمين للتيقظ عند الكلام وعدم تداول الشائعات، خاصةً تلك التي تضر بالآخرين، وهو تذكير مستمر بأن العاقبة الربانية لكل كلمة تخرج بلا حق عظيمة، مهما قلّ شأنها في ظاهر الأمور.
