تُعتبر مسيرة شريهان الفنية ومحطات حياتها أيقونة فريدة في تاريخ الفن المصري المعاصر، فهي ليست مجرد ممثلة أو فنانة استعراضية، بل حالة فنية متكاملة نقلت فن الفوازير إلى مستوى غير مسبوق خلال الثمانينات والتسعينات، ورسمت لنفسها مكانة خالدة في السينما والمسرح، متجاوزةً بتحدٍ وإصرار أصعب المحن الصحية التي اعترضت طريقها المليء بالإبداع والنجاح.
وُلدت شريهان أحمد عبد الفتاح الشلقاني في 6 ديسمبر 1964 بالقاهرة لعائلة مرموقة، حيث كان والدها المحامي المعروف أحمد عبد الفتاح الشلقاني ووالدتها سيدة الأعمال عواطف محمود هاشم، وهذه النشأة أثرت بشكل كبير في تكوين شخصيتها القوية، كما أن علاقتها بالفن بدأت مبكرًا بفضل شقيقها غير الشقيق، عازف القيثارة الأسطوري عمر خورشيد، الذي كان بوابتها الأولى لعالم الشهرة، حيث اكتشفها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ وهي لا تزال طفلة، وعلى الرغم من دراستها للقانون وحصولها على شهادة جامعية في الحقوق، إلا أن شغفها بالفن دفعها لصقل موهبتها عبر دراسة الباليه والرقص التعبيري في باريس، لتبدأ مسيرتها العملية وهي في الرابعة من عمرها، وتظهر سينمائيًا لأول مرة في فيلم “قطة على نار” عام 1977، لكن انطلاقتها الحقيقية كانت في فيلم “الخبز المر” عام 1982 أمام عملاق الشاشة فريد شوقي، مما رسخ أقدامها كنجمة صاعدة.
تفاصيل مسيرة شريهان الفنية ومحطات حياتها الأولى
لم تكن خطواتها الأولى مجرد بداية عادية، بل كانت تأسيسًا لأسطورة استعراضية قادمة، فقد امتلكت شريهان وعيًا فنيًا مبكرًا جعلها تدرك أهمية الجمع بين الموهبة والدراسة الأكاديمية، وهذا ما ميز مسيرة شريهان الفنية ومحطات حياتها عن غيرها من نجمات جيلها، ويمكن تلخيص عوامل انطلاقتها في النقاط التالية:
- الخلفية العائلية المؤثرة: نشأتها في بيئة تقدر القانون والأعمال والفن منحها توازنًا فريدًا.
- الاكتشاف المبكر: لفتت انتباه عمالقة الفن مثل عبد الحليم حافظ بفضل موهبتها الطاغية منذ الصغر.
- التكوين الأكاديمي: لم تكتفِ بالموهبة الفطرية، بل دعمتها بدراسة متخصصة في فنون الرقص العالمية بباريس.
- الأدوار التأسيسية: اختيارها لأدوار سينمائية قوية في بداية مشوارها مثل “الخبز المر” أثبت قدراتها التمثيلية إلى جانب موهبتها الاستعراضية.
كانت تلك العوامل بمثابة حجر الزاوية الذي بنت عليه مجدها الفني، لتنتقل بعدها إلى مرحلة جديدة أصبحت فيها أيقونة الفن الاستعراضي الأولى في العالم العربي.
العصر الذهبي: كيف رسمت مسيرة شريهان الفنية تاريخ الفوازير والمسرح؟
دخلت شريهان عالم الفوازير عام 1985 لتغير مفهومه إلى الأبد، حيث أصبحت الاستعراضية الأولى في مصر والعالم العربي بفضل أدائها المبتكر وقدرتها على تجسيد عشرات الشخصيات في عمل واحد، فقدمت سلاسل فوازير ناجحة أصبحت جزءًا من طقوس رمضان التي لا تُنسى، مثل “ألوان” و”ألف ليلة وليلة: عروس البحر” و”حول العالم” و”حاجات ومحتاجات”، وفي موازاة هذا التألق التلفزيوني، كانت شريهان ملكة متوجة على خشبة المسرح، حيث قدمت أدوارًا استعراضية تجمع بين الكوميديا والتراجيديا أمام كبار النجوم، ومن أبرز أعمالها في تلك الفترة مسرحية “سك على بناتك” و”علشان خاطر عيونك” أمام فؤاد المهندس، و”شارع محمد علي” أمام فريد شوقي، لتثبت أن مسيرة شريهان الفنية ومحطات حياتها كانت علامة فارقة في تاريخ المسرح المصري الحديث.
| المجال الفني | أمثلة لأبرز الأعمال |
|---|---|
| السينما | الطوق والأسورة، المرأة والقانون، عرق البلح، فضيحة العمر، ميت فل |
| المسرح | سك على بناتك، علشان خاطر عيونك، شارع محمد علي، المهزوز |
| الفوازير | ألف ليلة وليلة (1985)، حول العالم (1987)، حاجات ومحتاجات (1993) |
| التلفزيون | دمي ودموعي وابتسامتي، سر الغريبة |
التحديات والعودة المظفرة في مسيرة شريهان الفنية ومحطات حياتها الصعبة
لم تكن رحلة النجومية سهلة، فقد واجهت شريهان محنتين قاسيتين هددتا بإنهاء مسيرتها الفنية تمامًا، ففي عام 1990 تعرضت لحادث سير مروع نتج عنه كسر في العمود الفقري، مما استدعى رحلة علاج طويلة وشاقة في الخارج أبعدتها عن الأضواء لمدة عامين، لكنها عادت بإصرار أقوى، وفي بداية الألفية، واجهت التحدي الأكبر بإصابتها بسرطان الغدد اللعابية، وهو مرض نادر تطلب خضوعها لعمليات جراحية دقيقة أدت إلى توقفها الكامل عن العمل الفني منذ عام 2002، ولكن روح الفنانة المقاتلة بداخلها لم تمت، فبعد غياب دام قرابة 19 عامًا، فاجأت شريهان جمهورها بعودة استثنائية في رمضان 2021 من خلال إعلان تلفزيوني ضخم أعاد للأذهان زمن الفن الجميل، وفي العام نفسه، أطلت على جمهورها من جديد بمسرحيتها المؤجلة “كوكو شانيل”، لتثبت أن مسيرة شريهان الفنية ومحطات حياتها هي قصة ملهمة في التحدي والانتصار.
على الصعيد الشخصي، تزوجت شريهان من رجل الأعمال السعودي علال الفاسي وانفصلت عنه، ثم تزوجت من رجل الأعمال الأردني علاء الخواجة وأنجبت منه ابنتيها لؤلؤة وتالية القرآن، لتكتمل صورة المرأة القوية التي جمعت بين النجاح الفني الساحق وتكوين أسرة مستقرة، ورسخت مكانتها كفنانة شاملة بمهاراتها في الرقص والغناء والتمثيل.
