مشروع توثيق رجالات الملك عبدالعزيز يعد أهم الخطوات التي تتخذها المملكة للحفاظ على ذاكرة الماضي وتاريخ بناة الوطن بشكل شامل ومتقن، حيث يُعد هذا المشروع ثمرة 28 عاماً من العمل الدؤوب لتسجيل آلاف الساعات من الحكايات الحية التي تحكي تفاصيل تأسيس المملكة، في ظل قيادة الأمير فيصل بن سلمان الذي يضع حفظ هذا التراث أولوية قصوى للحفاظ على القصص التي توثق حقبة ذهبية في تاريخ السعودية. استجابة لهذه المبادرة، أُطلق مشروع “رجالات الملك عبدالعزيز” تحت الرعاية الكريمة وبدعم من وزارة الحرس الوطني، ليكون مرجعاً لا يُقدّر بثمن لكل من يرغب بفهم التاريخ الحقيقي للأبطال الذين ساهموا في بناء المملكة. تضمنت المشاركة في هذا المشروع تسجيل شهادات حية لأفراد مثل “أبو محمد” الذي بلغ 85 عاماً وعاصر تلك الفترة، معبراً عن شعوره بالطمأنينة بعدما تحولت قصص الملك عبدالعزيز ورجالاته من خطر النسيان إلى محفوظة للأجيال القادمة.
أهمية مشروع توثيق رجالات الملك عبدالعزيز في حفظ الذاكرة الوطنية
بدأت دارة الملك عبدالعزيز منذ عام 1416هـ في جمع محفوظات التراث والذكريات الشفوية من القادة والعاملين في عهد الملك المؤسس، في خطوة تشبه مشاريع إحياء المخطوطات القديمة، لكن بقالب حديث يحمل إرث الأجداد. أكّد دكتور فهد السماري المستشار في الديوان الملكي أن التراث الشفوي بات مصدراً أساسياً لتوثيق التاريخ ومكملاً للوثائق المكتوبة، مشيراً إلى مكانة هذا المشروع الفريدة محلياً وعالمياً. ويضيف الخبير البريطاني ديفيد سميث بأن المملكة لم تشهد دولة أخرى هذا القدر من الاهتمام الملكي بحفظ الذاكرة الشفوية، مشيداً بالجهود المكثفة التي تخضع لها هذه الوثائق في إطار هذا المشروع الرائد.
تجارب شخصية وشهادات حية تغير نظرتنا للتاريخ السعودي
تجري جلسات التسجيل داخل قاعات تحمل عبق الكتب القديمة وحكايات كبار السن بلهجاتهم المحلية الأصيلة، ما يفتح أسراراً جديدة للكثيرين من شباب اليوم، مثل خالد البالغ من العمر 28 عاماً الذي اكتشف من خلال هذا المشروع أن جده كان أحد رفاق الملك عبدالعزيز، معلومة جديدة أضافت بعداً شخصياً لتاريخ عائلته. وتؤكد الباحثة في التاريخ الشفوي د. سارة أن كل قصة تسرد وتوثق في المشروع تعزز الروابط العائلية وتعيد تشكيل الهوية الوطنية، وتحفز آلاف المواطنين على المشاركة في توثيق تراثهم «قبل فوات الأوان» مما يجعل هذا المشروع فرصة ثمينة للحفاظ على شواهد الماضي.
التعاون الوطني ودعوة المشاركة في مشروع توثيق رجالات الملك عبدالعزيز
يعد مشروع توثيق رجالات الملك عبدالعزيز قاعدة صلبة لأرشيف وطني ضخم يُمكن الأجيال القادمة من فهم جذورها وهويتها بشكل أعمق؛ إذ تم تدشينه بتعاون مشترك بين دارة الملك عبدالعزيز ووزارة الحرس الوطني، وهو يؤكد استمرار البلاد في بناء إرث تاريخي متكامل. ويمكن الآن لكل مواطن أن يشارك في حفظ الذاكرة الوطنية عبر تسجيل قصص عائلته وذكريات أجداده، للمساهمة في إثراء هذا الأرشيف الضخم. تشمل خطوات المشاركة في المشروع ما يلي:
- الترشح أو تسجيل الباحثين لجمع الشهادات الحية من كبار السن
- التواصل مع دارة الملك عبدالعزيز لتقديم القصص والوثائق العائلية
- المشاركة في ورش العمل والمعارض التي تنظمها الدارة للتعريف بالمشروع
هذا المشروع يؤسس لبعد جديد في فهم تاريخ المملكة، إذ لا يقتصر على الحفظ فقط، بل ينقل للأجيال القادمة صورة حية ومتكاملة لبناة الوطن الذين حملوا رسالة التأسيس والعطاء، ويبقى السؤال مطروحاً بين الأجيال: ما هي القصة التي سيخلفها كل منا لتقوية صلة الماضي بالحاضر والمستقبل؟
