شهد الريال اليمني انتعاشاً مدهشاً خلال 24 ساعة فقط، حيث تراجع سعر الدولار من 1650 إلى 1618 ريالاً في عدن، وهو ما اعتبره المراقبون “معجزة اقتصادية” قلّما تحققت بعد سنوات من التدهور الاقتصادي المستمر. هذا الانتعاش في سعر العملة الوطنية أراح ملايين اليمنيين بعد معاناة طويلة مع الانهيار المتواصل للريال، خاصة في ظل الفارق الكبير بين أسعار الصرف في المدن الرئيسية للبلاد.
الريال اليمني وانتعاشه المفاجئ وتأثيره على الأسواق في عدن وصنعاء
يشكل انتعاش الريال اليمني خلال ساعات معدودة ظاهرة غير معتادة في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتقلبة في البلاد، حيث انخفض سعر الدولار في عدن من 1650 إلى 1618 ريالاً، كما تراجع الريال السعودي إلى 425 ريالاً. وفي الوقت ذاته، يبقى سعر الدولار في صنعاء منخفضاً بشكل واضح عند 535 ريالاً فقط، مما يكشف عن الانقسام الاقتصادي الحاد بين المناطق، وهو ما يشبه “حصاراً داخل الوطن الواحد” يعمّق الفوارق ويفاقم الأعباء على المواطنين. وأوضحت فاطمة السالمي، ربة منزل في عدن، أنها لأول مرة تشهد هذا الانخفاض وتشعر بوميض أمل منذ أشهر، إذ وصفته بـ”التحسن غير المتوقع” الذي ينعش النفوس المضطربة. واعتبر الخبير الاقتصادي د. محمد الحضرمي هذا التطور مؤشراً إيجابياً لكنه يحتاج لمزيد من الرقابة والمتابعة الحذرة لتجنب الانعكاسات السلبية.
قصص معاناة خلف تحسن الريال اليمني والغموض المحيط به
يروي العديد من اليمنيين تفاصيل مريرة عن خسائرهم المالية خلال فترة انهيار العملة المحلية، حيث يذكر التاجر أحمد المهاجر من تعز أنه فقد نصف مدخراته التي كسبها على مدى سنوات طويلة، بسبب تذبذب سعر الدولار. إذ كان يشتري الدولار بـ250 ريالاً ويبيعه بأقل سعر، مما سبب له خسائر فادحة. وفي عدن، شهد السوق تهافتاً واسعاً للمواطنين على محلات الصرافة لشراء العملة الوطنية وسط مشاعر مختلطة من الأمل والقلق، كما يؤكد سالم، صراف محلي، الذي وصف المشهد بأنه يشبه شعاع شمس يسطع وسط عواصف الشكوك الاقتصادية. رغم ذلك، ما يزال هذا الانتعاش محاطاً بالغموض، إذ لا تزال الأسباب الحقيقية وراء هذا التحسن مفاجئة وغير واضحة، ما يزيد مخاوف حدوث انتكاسة أشد قسوة في الأيام القادمة.
التحديات والفرص في ظل انتعاش الريال اليمني والتوصيات المستقبلية
يرى الخبراء أن استمرار التحسن في سعر الريال اليمني يتطلب مواجهة ثلاثة تحديات رئيسية ضرورية لضمان استدامة هذا التغير الإيجابي، وهي توحيد أسعار الصرف بين المحافظات المتقاربة والواقعة تحت تأثيرات سياسية واقتصادية مختلفة، وضمان استمرارية الاتجاه الإيجابي دون التعرض لانتكاسات قد تكون مدمرة، إضافة إلى معالجة الأسباب الجذرية التي أدت إلى الانقسام الاقتصادي العميق. وتتمثل التحديات بوضوح في النقاط التالية:
- توحيد أسعار الصرف بين المحافظات المنقسمة
- ضمان استمرارية الاتجاه الإيجابي دون انتكاسات مدمرة
- معالجة الأسباب الجذرية للانقسام الاقتصادي المدمر
هل يمثل انتعاش الريال اليمني بداية لانتعاشة اقتصادية حقيقية أم مجرد سراب مؤقت في بيئة مليئة بالتحديات؟ الدعوة الآن للحذر واليقظة الشديدة قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية متهورة، لأن المتغيرات القادمة ستكشف ما إذا كانت هذه المعجزة الاقتصادية ستتواصل وتدفع بالاقتصاد نحو الاستقرار، أو ستنطفئ سريعاً كما ظهرت دون تفسير واضح يرضي القلقين.
