ساحة العدل في وسط الرياض شهدت تحولًا تاريخيًا مذهلًا خلال عقد واحد فقط، حيث تحوَّلت من مسرح لإجراء حوالي 340 إعدامًا سنويًا إلى ملعب يعج بضحكات الأطفال وأصوات الألعاب والفرح، مما يجعل من هذا التغيير واحدًا من أسرع وأعظم التحولات الحضارية في العالم العربي ويثير تساؤلات عميقة عن الواقع الحقوقي والتاريخي للمملكة.
ساحة العدل بالرياض: من مكان الإعدامات إلى ملاعب الأطفال خلال عقد واحد
قبل سنوات قليلة، كانت ساحة العدل في الرياض مركزًا للرعب والخوف، حيث تم تنفيذ أكثر من 340 حكم إعدام سنويًا علنًا وسط حضور جماهيري كثيف. يصف رفيق، العامل الآسيوي الذي عمل في المنطقة لأكثر من 15 عامًا، كيف كان المشهد المعتاد يتمثل بقطع الرؤوس بعد صلاة الجمعة، وكان المارة يرتجفون خوفًا من مجرد الاقتراب. لكن اليوم تغير المشهد تمامًا، فتحت تصريف دماء الماضي السحيق الأرض تحت أقدام الأطفال الذين يلعبون الكرة بحماس وحيوية، وأحاط المكان بالضحكات وأصوات الفرح. تزينت الساحة بمقاهي فاخرة أصبحت مقصدًا للعائلات والسياح الأجانب الذين يحرصون على رؤية هذا التحول غير المسبوق وشهادة على تحول تاريخي في قلب السعودية. الطفل يوسف البالغ من العمر 14 عامًا لا يمتلك ذاكرة عن التاريخ الدموي للساحة، فهو يرى هنا فقط ملعبًا يُحتفل بالحياة واللعب مما يدل على كيف تلعب التغييرات الاجتماعية والثقافية دورًا محوريًا في تشكيل الموروث الحضاري.
رؤية 2030 ودورها في إعادة تشكيل ساحة العدل وتحويلها إلى ملعب للأطفال
يُعتبر هذا التحول في ساحة الإعدامات إلى ملعب للأطفال جزءًا من جهود المملكة في إطار رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ وهي خطة استراتيجية طموحة تهدف إلى تحديث المجتمع وتحسين الصورة الدولية للسعودية. كانت المملكة تحتل المركز الثالث عالميًا بعد الصين وإيران في تنفيذ أحكام الإعدام، لكن منذ العام 2013 توقفت العروض العلنية لهذه الأحكام، وهو أمر أكدته الباحثة دعاء دهيني من المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، والتي أشارت إلى غياب تفسيرات رسمية لهذا القرار. رغم ذلك، يتناغم هذا التوقف مع رغبة السعودية في استقطاب السياح وتحفيز الاستثمارات، خصوصًا السياحة والترفيه، من خلال تحويل رموز الماضي المأساوي إلى أماكن ترفيهية وجاذبة. وتظهر قصة سارة، المستثمرَة التي افتتحت مقهى فاخر مطل على الساحة، كيف تزداد الأرباح مع تدفق السياح الذين يرغبون في مشاهدة هذا التغيير التاريخي، وهذا يعكس بوضوح كيف ساهمت رؤية 2030 في إعادة صناعة هذا المكان ليصبح رمزًا للتجديد والحداثة.
الدلالات الحقوقية والاجتماعية لتحول ساحة العدل من مسرح الإعدامات إلى ملعب الأطفال
بالرغم من الفرح والابتسامات التي ترتسم في مكان الإعدامات السابق، يبقى السؤال الحقوقي مفتوحًا: هل تغيّر مكان تنفيذ الإعدامات إلى ملعب للأطفال يكفي لمحو سجل حقوق الإنسان المظلم؟ هنوف، أم في الثلاثينيات من عمرها، تعبر عن فخرها بالتاريخ رغم قسوته، معتبرةً أن المجتمعات تمر بلحظات صعبة يجب تجاوزها بفخر وليس بالخجل. لكن الواقع يعكس حالة تعقيد يصعب تجاهلها، إذ يشهد المشهد تحولًا اجتماعيًا غير مسبوق، وهذا الأمر يشير إلى جملة من التحديات والفرص التي تواجه المجتمع السعودي على المستوى الحقوقي والثقافي.
- توقف الإعدام العلني منذ عام 2013.
- تحويل الساحة إلى منطقة ترفيهية تناسب العائلات.
- ارتفاع أعداد السياح الذين يزورون الساحة لمتابعة التحول.
- الجدل الحقوقي حول محو تاريخ الإعدامات بطرق سطحية.
| العام | عدد الإعدامات السنوية | الحالة الحالية للساحة |
|---|---|---|
| قبل 2013 | حوالي 340 | مسرح إعدامات علني |
| بعد 2013 حتى الآن | توقف الإعدام العلني | ملعب وأماكن ترفيه للعائلات |
بينما تستمر السعودية في إحراز خطوات واثقة نحو أن تصبح مركزًا للترفيه والسياحة في المنطقة، تظل ساحة العدل شاهدةً على التغيير الاجتماعي الحاسم بين الماضي الدموي ومستقبل أكثر إشراقًا للأطفال الذين ينشؤون في ظل رؤية جديدة وعصر يتوق فيه الجميع للحياة بسلام وسعادة. هذا التحول التاريخي يدفع للتفكير العميق في مدى قدرة الابتسامة واللعب على شفاء جروح ماضٍ مظلم، وهل سيكون للذاكرة التاريخية مكان دائم بين ضحكات الأطفال ومتطلبات العدالة والمحاسبة؟
