رؤية المكفوفين في الأحلام ترتبط بذكريات بصرية محفوظة لدى من فقدوا بصرهم بعد الولادة

رؤية المكفوفين في الأحلام ترتبط بذكريات بصرية محفوظة لدى من فقدوا بصرهم بعد الولادة
رؤية المكفوفين في الأحلام ترتبط بذكريات بصرية محفوظة لدى من فقدوا بصرهم بعد الولادة

تُعدُّ معرفة هل يرى المكفوفون في أحلامهم سؤالًا معقدًا يشغِل الباحثين في علوم الأعصاب، فهناك أدلة متضاربة بين الفئات المختلفة من فاقدي البصر، إذ يمتلك دماغ المكفوفين خلقياً مناطق معالجة بصرية لكنها قد لا تترجم إلى صور بصرية أثناء النوم، وأما الذين فقدوا البصر بعد الولادة فقد أبلغوا عن أحلام رؤيوية تستند إلى ذكرياتهم البصرية السابقة.

فقدان الخبرة البصرية وتأثيرها على رؤية المكفوفين في الأحلام

تبرز أهمية الخبرة البصرية السابقة في احتمالية وجود صور بصرية في أحلام فاقدي البصر، فوفقًا للدراسة التي شارك فيها عالم الأعصاب موريس بيتيتو من جامعة مونتريال، فإن الأشخاص الذين فقدوا بصرهم قبل سن السابعة وظلوا فاقدي البصر لمدة عشرين عامًا تقريبًا يفقدون تدريجيًا تجاربهم البصرية أثناء الأحلام؛ وذلك بسبب اندثار الذاكرة البصرية القائمة على التجارب الحياتية. وتشير البحوث إلى أن أحلام هؤلاء تفتقر إلى المحاكاة البصرية وتعتمد بشكل رئيسي على الحواس الأخرى كالسمع واللمس والشم والتذوق، وهو أمر يحظى باهتمام واسع في الوسط العلمي.

نشاط القشرة البصرية وتأملات جديدة حول أحلام المكفوفين

عندما نتحدث عن هل يرى المكفوفون في أحلامهم، يجب أن نأخذ بالحسبان نتائج الدراسات الحديثة التي أظهرت نشاطًا ملحوظًا في القشرة البصرية لأشخاص وُلدوا فاقدين البصر. فعلى الرغم من أن التجربة البصرية الحقيقية غير موجودة عادة عند المكفوفين خلقياً، إلا أن تسجيل النشاط الكهربائي في أثناء النوم وكشف تحليلات لـ180 حلمًا لمكفوفين وُلدوا فاقدي البصر عام 2023 أظهرت وصفهم لبعض المشاهد التي تشبه الرؤية. وتوضح عالمة الأعصاب الإدراكية هيلين فيتالي أن الأحلام قد تسمح لهم بخوض تجارب حسية جديدة لم يسبق لهم الإحساس بها في اليقظة، مما يضيف بُعدًا جديدًا لفهم دور الأحلام في الدماغ.

ويفسر هذا النشاط الدماغي بأن القشرة البصرية قد تُستخدم لأداء وظائف حسية أخرى عند المكفوفين، فمثلاً الأشخاص الذين يقرأون بطريقة برايل يشعرون بإحساس لمسي في أطراف أصابعهم عند تحفيز القشرة البصرية كهربائياً؛ وهذا يدل على تحوّل دورها لمعالجة المحفزات الحسية غير البصرية. وقد ثبت بوضوح، في تجارب الرنين المغناطيسي الوظيفي، وصول محفزات روائح وأصوات ولمس إلى القشرة البصرية، ما يؤكد قدرة الدماغ على إعادة تخصيص وظائف القشرة البصرية.

تفسيرات حديثة وتحديات البحث حول هل يرى المكفوفون في أحلامهم

يرى موريس بيتيتو أن نشاط القشرة البصرية أثناء النوم لا يعني بالضرورة ظهور صور بصرية فعلية لدى المكفوفين، بينما تقترح فيتالي تفسيرًا آخر يتمثل في قدرة الدماغ على إنشاء مفاهيم حسية مجردة تُترجم داخليًا إلى صور بصرية فريدة. كما تشير إلى أن مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM) قد تعمل كمحاكاة داخلية لتعزيز مهارات معقدة مثل الإدراك المكاني؛ مما يسمح بإنتاج صور في الأحلام حتى بدون تجربة بصرية سابقة مخزنة.

من التحديات الكبرى التي تواجه دراسة هذا المجال أن المكفوفين خلقياً يفتقرون لتجربة بصرية مقارنة لتجارَب المبصرين، مما يصعب تفسير مدى تشابه أحلامهم الرؤيوية مع رؤى المبصرين. وتسعى فريق الباحثين بقيادة غوري إلى استكشاف كيفية تمثل المكفوفين صور الأحلام وتجاربهم الحسية معها، ومن المقرر الكشف عن نتائج هذا البحث قريبًا.

ويُنظر إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي كأداة واعدة لفهم أفضل لظاهرة هل يرى المكفوفون في أحلامهم عبر تحليل أنماط نشاط الدماغ لديهم ومقارنتها بأنماط الرؤية عند المبصرين. بالإضافة إلى ذلك، يُتوقع أن تُستخدم نتائج هذه الدراسات في تطوير أساليب لإعادة التأهيل العصبي، عبر استهداف حالة الحلم لتحفيز الحواس، ما قد يعزز قدرات التعلم والذاكرة، ويقدم دعمًا ملموسًا للمكفوفين في تحسين الإدراك المكاني وأداء المهام المعقدة.

  • يؤثر سن فقدان البصر ومدة العمى بشكل كبير على وجود تجربة بصرية في الأحلام
  • النشاط في القشرة البصرية قد لا يدل على تصوّر بصري لكنه يعكس وظائف حسية أخرى
  • الأحلام قد تمثّل تجربة محاكاة للأشخاص المكفوفين تتيح لهم خوض تجارب غير متاحة في اليقظة
  • تقنيات الذكاء الاصطناعي تتقدم كوسيلة لفهم أنماط نشاط الدماغ المرتبطة بالأحلام

كاتب صحفي رياضي يقدّم تغطية سريعة للمباريات والأحداث الرياضية، بأسلوب بسيط يوصّل المعلومة للجمهور بشكل جذاب ومباشر.