معدل الإنجاب في السعودية ينخفض لأدنى مستوياته ويطرح تهديدات ديموغرافية مستقبلية

معدل الإنجاب في السعودية ينخفض لأدنى مستوياته ويطرح تهديدات ديموغرافية مستقبلية
معدل الإنجاب في السعودية ينخفض لأدنى مستوياته ويطرح تهديدات ديموغرافية مستقبلية

معدل الإنجاب في السعودية يشهد انهيارًا غير مسبوق، حيث تراجع إلى معدل 1.9 طفل لكل امرأة، وهو أدنى من الحد الأدنى المطلوب لتحقيق الإحلال السكاني البالغ 2.1 طفل؛ وهذا الانخفاض يدل على تحدٍ ديموغرافي عميق يُمكن أن يؤثر سلبًا على مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة. الإحصاءات الجديدة الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء توضح هبوطًا حادًا بمعدل 18% خلال ثلاث سنوات فقط، فقد كان المعدل 2.3 طفل لكل امرأة عام 2020، الأمر الذي أثار تحذيرات الخبراء من كارثة ديموغرافية محتملة قد تغير ملامح المجتمع السعودي.

الأسباب الكامنة وراء تراجع معدل الإنجاب في السعودية وتأثيراتها المستقبلية

يتسبب تراجع معدل الإنجاب في السعودية في قلق كبير بين المتخصصين، حيث تعددت العوامل التي أدت إلى هذا المشهد الديموغرافي المعقد؛ ففي مقدمتها ارتفاع تكاليف المعيشة والتعليم، إلى جانب زيادة سن الزواج، وانتشار مشاركة المرأة في سوق العمل، بالإضافة إلى تحول أولويات الأجيال الجديدة التي باتت تعطي أهمية أكبر للتطوير الشخصي والمهني. هذا الواقع يُشبه كثيرًا ما حدث في دول متقدمة مثل اليابان وكوريا الجنوبية التي اجتازتها أزمات ديموغرافية خطيرة. البروفيسور أحمد العسيري، خبير السكان بجامعة الإمام، أكد أننا “نمر بتجربة مشابهة لتلك التي حدثت في دول شرق آسيا، ولكن بسرعة أكبر وبنتائج أعمق”. وهذه الأسباب توضح لماذا الأسر باتت تفكر كثيرًا قبل إنجاب المزيد من الأطفال، مثل حالة فاطمة من الرياض التي تقول: “ارتفاع التكاليف جعلنا نعيد النظر في أي قرار يتعلق بالإنجاب”.

الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية لتراجع معدل الإنجاب في السعودية

ينذر الانخفاض التاريخي في معدل الإنجاب بتداعيات كارثية على المملكة خلال العقدين القادمين، لأن نقص المواليد سيؤدي إلى انخفاض القوى العاملة بشكل كبير، مما يفاقم الأعباء على نظام الرعاية الصحية، خاصة فيما يتعلق بكبار السن، ويزيد الضغوط على أنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي. هذا الواقع يفرض على صناع القرار الوعي بآفاق المستقبل التي قد تتضمن عدة سيناريوهات، منها:

  • تعديل سياسات الهجرة لجذب عمالة ماهرة تدعم سوق العمل.
  • تبني حوافز تشجيعية لتعزيز معدل الإنجاب بين الأسر السعودية.
  • إعادة هيكلة النظم الاجتماعية والاقتصادية لتناسب الواقع الجديد.

منى الشهري، وهي موظفة وأم لطفل واحد، عبرت عن قلقها حيال مستقبل ابنها: “أخشى أن يجد نفسه منعزلًا في مجتمع يهيمن عليه كبار السن مع نقص في الخدمات التي يحتاجها”.

السنة معدل الإنجاب (طفل لكل امرأة) نسبة الانخفاض (%)
2020 2.3
2023 1.9 18%

رؤية المملكة 2030 ومواجهة تحديات تراجع معدل الإنجاب في السعودية

المملكة اليوم تواجه معضلة ضخمة تتطلب تدخلًا سريعًا ومدروسًا من واضعي السياسات، لإعادة هندسة استراتيجيات التنمية بما يشمل معالجة جذور التراجع الديموغرافي؛ فمن الضروري أن تتضمن رؤية 2030 تحديثا شاملا يضع السياسات الديموغرافية في صدارة الأولويات. النجاح في تغيير هذا المسار الحرج سيحتاج إلى إجراءات فعالة تتيح استعادة التوازن السكاني، وإلا ستنضم السعودية لقائمة الدول التي لم تستطع التصدي لمواجهات ما يُعرف بـ”فخ الديموغرافيا المنخفضة” الذي يهدد المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للأجيال القادمة. ويُعتبر هذا التحدي فرصة لا بد من استثمارها لوضع الحلول المناسبة قبل أن تتفاقم الأزمة، لتجنب تداعيات يصعب السيطرة عليها مستقبلاً.

كاتب صحفي رياضي يقدّم تغطية سريعة للمباريات والأحداث الرياضية، بأسلوب بسيط يوصّل المعلومة للجمهور بشكل جذاب ومباشر.