كيف اغتالت الحروب مستقبل عقول الأجيال العربية؟ هذا السؤال يمثل حقيقة مؤلمة تشهدها العديد من الدول العربية التي عانت من النزاعات المسلحة، حيث أفرغت الحروب التعليم والثقافة من محتواهما وغُيّب ملايين الأطفال عن مقاعد الدراسة، ما أدى إلى تأجيل أو حتى فقدان فرصة بناء مستقبل علمي أفضل. التصاعد المتكرر للنزاعات المسلحة ساهم في تعطيل العملية التعليمية لأكثر من عقدين، ما أفرز جيلاً بأكمله يفتقد للمهارات الأساسية ويخرج من دائرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
كيف اغتالت الحروب مستقبل عقول الأجيال العربية عبر تعطيل التعليم؟
تأثرت الأجيال العربية بشدة من جراء الحروب التي قضت على ما يقرب من 20 عاماً من التعليم المنتظم في مناطق النزاع؛ فالمدارس إما تعرضت للدمار أو أغلقت نتيجة للعنف المباشر، ما تسبب في حرمان 30 مليون طفل من فرصة التعلم الأساسي. بالإضافة إلى تداعيات النزاعات، أدى غياب التعليم إلى ارتفاع معدلات الزواج المبكر والجريمة وتعاطي المخدرات بين الشباب؛ وهي مظاهر متوقعة تترتب على “وباء الجهل” الذي يجتاح المجتمعات. ويشير خبراء التربية والاجتماع إلى أن عمليات تجنيد الأطفال تعتمد بشكل أساسي على استغلال الجهل والأمية، ما يحول هؤلاء الأطفال إلى أدوات في يد أطراف النزاع، ويُفقدهم هويتهم داخل مخيمات اللاجئين، التي تخلق واقعاً مأساوياً لجيل دون انتماء واضح.
خسائر اقتصادية واجتماعية نتيجة ضياع التعليم في الحروب العربية
إن فقدان التعليم المستمر بسبب الحروب يكبد الدول العربية خسائر اقتصادية فادحة تصل إلى 10 تريليونات دولار سنوياً، وهو ما يعكس تراجع فرص التنمية وتحجيم الإنتاجية الوطنية. هذا العائق يعيد العملية التعليمية إلى “المربع صفر” إذ تتطلب إعادة هيكلة شاملة تبدأ من توفير المدارس وتأهيل المعلمين، مروراً بضمان بيئة آمنة للتعليم، وانتهاءً بإدخال مناهج جديدة تلبي حاجات الشباب المتغيرات. إن استمرار النزاعات يعوق النمو ويجعل من هدف بناء النظام التعليمي القوي حلماً بعيد المنال، ما يفاقم حالة التخلف ويفرض على المنطقة أزمات متعددة مستمرة.
عوامل اجتماعية تؤدي إلى استمرار اغتيال عقول الأجيال العربية عبر الحروب
ترتبط ظاهرة اغتيال المستقبل التعليمي بعدة عوامل اجتماعية، منها استغلال أميّة الأطفال لتجنيدهم في النزاعات المسلحة، ما يجردهم من فرص التعليم ويغذي دوامة العنف. كما أن مخيمات اللاجئين تشكل بيئة غير مستقرة نفسياً واجتماعياً، حيث يُفقد الأطفال هويتهم ويغيب لديهم الانتماء الوطني، الأمر الذي ينعكس سلباً على روح المبادرة والمثابرة التعليمية. إضافة إلى ذلك، هناك مظاهر منتظرة نتيجة فقدان التعليم، مثل زيادة معدلات الزواج المبكر، الجريمة، والإدمان، مما يرسّخ واقعاً صعباً ومتعدد الأبعاد.
- دمار المدارس وتوقف التعليم في مناطق النزاع
- تجنيد الأطفال واستغلال الجهل لاحتوائهم
- عجز النظام التعليمي وأزمة الهوية في مخيمات اللاجئين
- تكبد خسائر اقتصادية ضخمة مرتبطة بفقدان التعليم
- نتائج اجتماعية خطيرة مثل الزواج المبكر والإدمان
يبقى المستقبل مرتبطاً بقوة بالتعامل مع كارثة التعليم التي خلفتها الحروب، فبدون الاستثمار في بناء أنظمة تعليمية متينة، لن تتمكن الأجيال القادمة من مجابهة تحديات العصر والارتقاء بمستويات التنمية البشرية والاقتصادية اللازمة لهذه المنطقة الحيوية.
