حققت الدبلوماسية الاقتصادية المصرية إنجازًا جديدًا بحصول الدكتورة رانيا المشاط على تكريم دولي رفيع المستوى في العاصمة القطرية الدوحة، حيث منحها معهد “شويسول” المرموق جائزة القيادة الدولية تقديرًا لجهودها في تعزيز التعاون الاقتصادي العابر للحدود؛ ويأتي هذا التكريم تأكيدًا على الدور المحوري الذي تلعبه مصر في مد الجسور بين القارة الأفريقية ومنطقة الخليج العربي لخدمة قضايا التنمية المستدامة.
تفاصيل تسلم رانيا المشاط جائزة القيادة الدولية
شهدت فعاليات الحوار الأفريقي الخليجي حفل عشاء رسميًا تم خلاله منح الجائزة للوزيرة المصرية، وقام الدكتور باسكال لوروت رئيس المعهد بتسليم الدرع التكريمي وسط حضور نخبة من القادة الاقتصاديين، وشارك في الحضور الشيخ جبر بن منصور بن جبر آل ثاني، مما يعكس الاهتمام الكبير بتعميق الروابط بين القطاعين الحكومي والخاص على المستوى الإقليمي.
تعتبر هذه الجائزة بمثابة شهادة تقدير للمسار المهني الذي انتهجته وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، حيث سبق إدراجها ضمن قوائم القادة الشباب الأكثر تأثيرًا في أفريقيا، ويعزز هذا الحدث من مكانة الكوادر المصرية في المحافل الدولية، خاصة أنه جاء على هامش منتدى الدوحة الذي يحظى برعاية أميرية سامية ومشاركة عالمية واسعة.
أكدت الوزيرة في كلمتها أن هذا التكريم لا يخصها وحدها بل هو تقدير لكل الجهود المبذولة لربط المنطقتين، وأشارت إلى أن المنتدى يمثل منصة حيوية لصياغة مستقبل اقتصادي مرن ومترابط، وتستند هذه الرؤية إلى تاريخ طويل من التضامن الذي بدأ منذ القمة العربية الأفريقية الأولى بالقاهرة عام 1977 وتطور ليصبح شراكة استراتيجية عميقة.
أهم العوامل التي ساهمت في تعزيز هذا التكريم الدولي تشمل ما يلي:
- الدور الفعال في بناء دبلوماسية اقتصادية قوية ومرنة تواكب المتغيرات العالمية.
- السعي المستمر لتعزيز الشراكات بين دول الخليج العربي وبلدان القارة الأفريقية.
- العمل على توحيد الرؤى التنموية وخلق فرص استثمارية واعدة للجانبين.
- التركيز على قضايا التنمية المستدامة والتحول الأخضر كأولوية قصوى.
مؤشرات نمو الاستثمارات بين الخليج وأفريقيا
تشهد العلاقات الاقتصادية بين الجانبين طفرة غير مسبوقة تؤكدها لغة الأرقام والمؤشرات الحديثة، فقد أصبحت دول مجلس التعاون الخليجي لاعبًا رئيسيًا في مشهد الاستثمار داخل القارة السمراء، وتأتي هذه التحركات مدفوعة برغبة مشتركة في تنويع المصادر الاقتصادية والاستفادة من الأسواق الناشئة ذات الكثافة السكانية العالية والقوة الشرائية المتصاعدة.
أوضحت البيانات الرسمية التي استندت إليها الوزيرة أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أفريقيا قفز إلى 97 مليار دولار خلال عام 2024، وسجلت هذه الاستثمارات زيادة لافتة بلغت نسبتها 75% مقارنة بالعام السابق، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة في البيئة الاستثمارية الأفريقية والفرص الكامنة التي توفرها قطاعات البنية التحتية.
ساهم المستثمرون الخليجيون بنصيب وافر من هذه التدفقات المالية الضخمة، حيث تم الإعلان عن مشروعات جديدة بقيمة تجاوزت 53 مليار دولار في نفس العام، وتتزامن هذه الاستثمارات مع تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية التي تفتح الباب أمام سوق موحدة تضم 1.7 مليار مستهلك بقدرات شرائية هائلة.
تتركز أبرز مجالات التعاون الاقتصادي الحالي والمستقبلي في القطاعات التالية:
- مشروعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية المستدامة التي تحتاجها القارة.
- تطوير القطاع الصناعي والتحول الرقمي لتعزيز كفاءة الأسواق.
- دعم ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة التي يقودها الشباب.
- الاستثمار في الأمن الغذائي والزراعة الحديثة لمواجهة التحديات المناخية.
أهمية الشراكات الدولية في الرؤية المصرية
تنظر الدولة المصرية إلى التعاون الدولي باعتباره ركيزة أساسية وليس مجرد خيار تكميلي لتحقيق التنمية، حيث شددت الدكتورة رانيا المشاط على أن تضافر الجهود بين الحكومات والقطاع الخاص يخلق تأثيرًا يفوق مجموع العناصر الفردية، وتعمل مصر من خلال موقعها الجغرافي والسياسي المتميز كحلقة وصل حيوية تعزز التكامل الإقليمي.
تسعى الحكومة إلى تحويل هذه الشراكات الاستراتيجية إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، ويظهر ذلك بوضوح في المشروعات القومية التي تدعم التحول للاقتصاد الأخضر وتمكين المرأة، وتعتبر هذه الأولويات جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية التنمية الوطنية التي تتوافق مع الأهداف الأممية وتجذب اهتمام المؤسسات الدولية المانحة.
يعتبر تاريخ الوزيرة مع معهد “شويسول” ممتدًا ومثمرًا حيث تم تصنيفها سابقًا ضمن أبرز 100 قائد اقتصادي، ويأتي استلامها لجائزة القيادة الدولية اليوم ليتوج مسيرة طويلة من العمل الدؤوب لترسيخ مفاهيم التنمية الشاملة، ويفتح هذا التكريم آفاقًا أوسع لمزيد من التنسيق المشترك وتبادل الخبرات بين القادة في المنطقة.
تتلخص المكاسب الاستراتيجية من تعزيز التعاون الأفريقي الخليجي في النقاط الآتية:
- تسريع وتيرة النمو الاقتصادي من خلال تكامل الموارد المالية والبشرية.
- فتح أسواق تصديرية جديدة للمنتجات والخدمات في كلا الاتجاهين.
- تبادل المعرفة التكنولوجية والخبرات الإدارية لتطوير المشروعات الكبرى.
- زيادة القدرة على الصمود في وجه الأزمات الاقتصادية العالمية المتلاحقة.
يبرز هذا التكريم الدور الريادي الذي تلعبه مصر في صياغة خارطة الاستثمار الإقليمي، كما يسلط الضوء على الفرص الهائلة الكامنة في التعاون بين الكتل الاقتصادية العربية والأفريقية؛ لذا ينبغي على رواد الأعمال والمستثمرين توجيه أنظارهم نحو القطاعات الناشئة في هذه الأسواق الواعدة، فهل نشهد في السنوات المقبلة تكتلًا اقتصاديًا موحدًا يغير موازين القوى العالمية؟
