انهيار الحضور السعودي في اليمن خلال أسبوع واحد يعيد تشكيل المشهد السياسي والديبلوماسي في المنطقة
9 سنوات من الحضور السعودي في اليمن انهارت خلال أسبوع واحد فقط، في أقصر انسحاب عسكري بتاريخ الشرق الأوسط الحديث، وهذا ما أثار صدمة كبيرة في الأوساط الإقليمية والدولية؛ حيث سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على مساحة كبيرة بحجم بلجيكا وهولندا مجتمعتين دون أي مقاومة عسكرية تُذكر. هذا الانهيار العسكري السريع لم يكن مجرد خسارة ميدانية، بل انعكس على خريطة النفوذ الإقليمي بشكل قد يعيد تشكيل توازنات الشرق الأوسط بالكامل.
انهيار الحضور السعودي في اليمن خلال أسبوع: معطيات وتداعيات
في مشهد غير مسبوق، نُقل عن مصادر مطلعة انسحاب الكتيبة السعودية-السودانية من قاعدة معاشيق الكامل مع معداتها، بينما ارتفعت أعلام المجلس الانتقالي في محافظات سيئون وحضرموت والمهرة سريعًا، مما أتاح فراغًا استراتيجيًا استغلته قوى محلية بسرعة فائقة. تبديد مليارات الدولارات من الاستثمارات العسكرية، وتراجع الآلاف من الجنود، أسفر عن تحوّل جذري في المشهد اليمني خلال أيام معدودة. وصف الضابط السعودي المتقاعد أحمد العسيري الانهيار بأنه كأنه رفع علم الاستسلام دون اقتتال، في تحول يشبه سقوط قطع الدومينو. هذا التغيير المفاجئ أجبر الرياض على مراجعة سياساتها في اليمن، وسط مخاوف من تداعياته على الاستقرار الإقليمي.
استراتيجية السعودية الجديدة وتأثيرها على المشهد اليمني
الانسحاب العسكري المفاجئ الذي مثل نهاية مرحلة بدأت في 2015 مع عملية عاصفة الحزم، يأتي في سياق تبني السعودية استراتيجية جديدة تعتمد على “التأثير عن بُعد” بدلاً من السيطرة العسكرية المباشرة. هذه المقامرة تثير تساؤلات حول نجاحها، خاصة مع وجود تحذيرات من خبراء مثل د. محمد العريقي الذي يصف هذا التحول بأنه يحمل مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى عواقب غير محسوبة. التاريخ مع انسحابات الولايات المتحدة من فيتنام وأفغانستان يذكرنا بأن ترك الفراغ للقوى المحلية قد يفتح الباب لصراعات طويلة ومعقدة، ويدفع المنطقة نحو مرحلة جديدة قد تتسم بعدم الاستقرار.
انعكاسات الانسحاب المفاجئ على الواقع اليمني والإقليمي
الانعكاسات على حياة السكان المحليين كانت مفاجئة وغير متوقعة؛ إذ قال المواطن علي الكثيري من سيئون إن مشاهد رفع أعلام المجلس الانتقالي فوق مؤسسات كانت تحت سيطرة الحكومة الشرعية أثرت على حياة الملايين. الأسواق المحلية شهدت تقلبات حادة، خصوصًا في قطاع النفط، فيما يتراجع أداء الخدمات الحكومية وسط حالة من عدم التيقن. الشركات الأجنبية وضعت استثماراتها قيد التجميد، وأصبحت المخاطر الاقتصادية أكبر من أي وقت مضى. يجدر النظر في أبرز التأثيرات:
- تقلب أسعار النفط اليمني وزيادة المخاطر التجارية
- تراجع ثقة المستثمريين الأجانب والمحليين على حد سواء
- تغير إداري مفاجئ يثير تساؤلات عن مستقبل الحكم والإدارة
- زيادة احتمالية تفجر نزاعات مسلحة داخلية بين الفصائل المختلفة
وفي ظل هذه الأوضاع المتقلبة، يحلق رشاد العليمي فوق الرياض عائدًا للمشاورات الطارئة، حيث تهيمن على الطاولة ثلاثة سيناريوهات ممكنة: التقسيم الفعلي لليمن إلى دولتين مستقلتين، أو اندلاع حرب أهلية جديدة بين الفصائل، أو معادلة سياسية معقدة تعيد رسم خرائط النفوذ الإقليمي. كل خيار من هذه الخيارات يحمل تداعيات واسعة ومدى زمني بعيد المدى قد يحدد شكل الشرق الأوسط خلال سنوات قادمة؛ حيث تبدو المنطقة على مشارف ولادة واقع جيوسياسي جديد غير مسبوق، وسط تساؤلات متزايدة عن مدى قدرة الأطراف المختلفة على ضبط وتيرة التوترات المتصاعدة.
