ملابس مضادة للاغتصاب تدخل الأسواق الأوروبية وتثير نقاشات حول فعاليتها

ملابس مضادة للاغتصاب تدخل الأسواق الأوروبية وتثير نقاشات حول فعاليتها
ملابس مضادة للاغتصاب تدخل الأسواق الأوروبية وتثير نقاشات حول فعاليتها

الملابس المضادة للاغتصاب في أوروبا أصبحت موضوعًا مثيرًا للجدل مؤخرًا، خصوصًا بعد انتشار فيديو يدعي وجود ملابس داخلية مقاومة للتمزيق والفتح إلا بطرق معينة، ويتم الترويج لها كوسيلة لحماية النساء من الاعتداء الجنسي. لكن ما حقيقة الملابس المضادة للاغتصاب المنتشرة في الأسواق الأوروبية، وهل هي بالفعل متوفرة وتحقق الأمان المنشود؟

الملابس المضادة للاغتصاب بين الحقيقة والادعاءات المضللة

انتشر فيديو باللغة الإسبانية يقول إنه يعرض نوعًا جديدًا من الملابس المضادة للاغتصاب في أوروبا، لكنها لم تكن سوى جزء من حملة أثارت جدلًا واسعًا، حيث كشف فحصها عن أبعاد مختلفة تمامًا. الناشط البريطاني تومي روبنسون وجماعات يمينية متطرفة استغلوا القضية لتوجيه خطاب معادٍ للمهاجرين، مدعين أن أوروبا تعتمد على مثل هذه الملابس كبديل عن الإجراءات الأمنية الحقيقية كتشديد الرقابة على الحدود وتعديل سياسات الهجرة.

التحقيقات أظهرت أن الفيديو يعود إلى شركة أمريكية تدعى AR Wear، التي أطلقت حملة تمويل جماعي عام 2013 على موقع Indiegogo، وحصدت نحو 55 ألف دولار لكنها لم تحقق إنتاجًا تجاريًا واغلقت قنواتها منذ 2016. كذلك شركة Safe Shorts الألمانية، التي أسستها ساندرا سيلز ضحية محاولة اغتصاب، اختفت معلوماتها من الإنترنت مما يدل على توقف نشاطها. الصحيفة الإسبانية 20 مينوتوس أكدت أن الفيديو قائم على معلومات قديمة ومضللة، وأن المنتَج ليس متوفرًا حاليًا بشكل واسع في أوروبا، كما يشير إلى وجود الكثير من التضليل في هذا الصدد.

تزايد قضايا العنف الجنسي وتأثير الملابس المضادة للاغتصاب على النقاش العام

تصاعدت جرائم العنف الجنسي في أوروبا بشكل كبير خلال العقد الماضي، حسب بيانات يوروستات فقد زادت هذه الجرائم بنسبة 79.2% بين 2013 و2023، كما تضاعف عدد حالات الاغتصاب بنسبة تتجاوز 141%، وهو ما يعكس أزمة أمنية حقيقية تواجه النساء هناك. تشير الدراسات إلى أن امرأة من بين كل ثلاث نساء تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي منذ سن الرشد، بينما أبلغ 13% منهن عن تعرضهن لأفعال اغتصاب أو تحقير جنسي.

النقاد يشيرون إلى أن الفيديو لم يركز على الحلول الأمنية الفعالة أو السياسات الوقائية، مفضلين استغلال الخوف من المهاجرين لتعزيز سرديات معادية للأجانب، مما يحول قضايا العنف ضد النساء إلى أدوات سياسية بعيدة عن الواقع والحماية. البلبلة التي أحدثها الفيديو تعكس قلقًا عامًا من تصاعد العنف الجنسي، ما يؤكد أهمية تدخلات فعّالة من الحكومات عبر السياسات العامة، حملات التوعية، وتحسين نظام العدالة، وليس فقط الاعتماد على ابتكارات فردية كالملابس المضادة.

الإحصائيات النسبة
زيادة جرائم العنف الجنسي بين 2013 و2023 79.2%
تضاعف حالات الاغتصاب 141%
  • توفير حماية قانونية أكثر صرامة للنساء
  • تحسين قدرات الأجهزة الأمنية وتدريبها
  • حملات توعية مستمرة للمجتمع
  • مراجعة وتحديث سياسات الهجرة والحدود بشكل متوازن

الملابس المضادة للاغتصاب: ضرورة أم أداة سياسية؟

السؤال الجوهري الذي يطرحه نقاش الملابس المضادة للاغتصاب هو مدى جدواها وأهميتها حقيقة في حماية النساء، أم أنها مجرد أداة تُستخدم لخدمة أجندات سياسية بعيدة عن حماية النساء فعليًا. الفيديو المتداول والجدل المصاحب له يكشفان عن استغلال قضية حساسة لتحويلها إلى ساحة صراع إعلامي وسياسي، متناسين أن الحلول التكنولوجية مثل هذه الملابس لا تكفي لوحدها. ما تحتاجه النساء في أوروبا هو سياسات حماية متكاملة تشمل القوانين، الدعم النفسي والاجتماعي، والتعليم والتوعية المجتمعية، لضمان بيئة أكثر أمانًا بعيدًا عن المزايدات الإعلامية والسياسية.

النساء اللاتي يتعرضن للعنف لا يبحثن عن مزحة أو فكرة مؤقتة، بل عن حماية حقيقية تضمن حقوقهن وحياتهن، وطموح لمجتمع أكثر أمانًا وشمولية. استمرار الجدل حول الملابس المضادة للاغتصاب يلقي بظلال من الشك حول قدرة الأدوات التقنية على معالجة ظواهر اجتماعية معقدة، مما يبرز أهمية تضافر الجهود بين مختلف القطاعات لتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

كاتب صحفي يهتم بتقديم الأخبار والتقارير بشكل مبسط وواضح، مع متابعة مستمرة للتفاصيل وتقديم المعلومة للقارئ بصورة دقيقة وسريعة.