تلبيةً لدعوة خادم الحرمين الشريفين، يتجه المسلمون في المملكة لمعرفة كيفية أداء صلاة الاستسقاء التي ستقام يوم الخميس المقبل الموافق للثالث عشر من نوفمبر 2025، وهي سنة نبوية مؤكدة يلجأ فيها العباد إلى ربهم لطلب الغيث والرحمة عند انقطاع المطر وجدب الأرض، وتتميز هذه الصلاة بهيئة خاصة وخطبة مؤثرة تهدف إلى تذكير الناس بالعودة إلى الله والتوبة إليه.
كيفية أداء صلاة الاستسقاء خطوة بخطوة
تشبه كيفية أداء صلاة الاستسقاء في هيئتها العامة صلاة العيد إلى حد كبير، فهي صلاة جهرية تتكون من ركعتين بلا أذان أو إقامة، ويجتمع لها المسلمون في المصليات المفتوحة خارج البنيان اقتداءً بالسنة النبوية الشريفة، حيث يظهرون بذلك الافتقار والتضرع الخالص للخالق سبحانه وتعالى، ويسبق الصلاة استعداد نفسي بالصيام والصدقة والتوبة الصادقة من الذنوب والمعاصي التي تعد من أسباب منع القطر من السماء، ويكون الإمام هو القدوة في هذا المشهد الإيماني العظيم.
ولفهم طريقة الصلاة بشكل دقيق، يمكن اتباع الخطوات التفصيلية التالية التي توضح أركانها من التكبير حتى التسليم:
- الركعة الأولى: يبدأ الإمام بتكبيرة الإحرام، ثم يتبعها بسبع تكبيرات متوالية، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، وبعد ذلك يقرأ سورة الفاتحة وما تيسر من القرآن الكريم جهرًا، ويُستحب أن يقرأ بسورة “سبح اسم ربك الأعلى”.
- إتمام الركعة الأولى: يكمل الإمام الركعة بالركوع ثم السجود سجدتين كالمعتاد في الصلوات الأخرى، مع الخشوع والطمأنينة في كل حركة.
- الركعة الثانية: عند القيام للركعة الثانية، يكبر الإمام خمس تكبيرات متتالية بعد تكبيرة الانتقال، ثم يقرأ الفاتحة وسورة أخرى جهرًا، ويستحب أن تكون سورة “الغاشية”.
- التشهد والتسليم: بعد إتمام الركوع والسجود في الركعة الثانية، يجلس الإمام للتشهد الأخير ثم يسلم عن يمينه وشماله لإنهاء الصلاة.
ماذا يحدث بعد أداء صلاة الاستسقاء وما هي الخطبة؟
بعد الانتهاء من أداء صلاة الاستسقاء مباشرة، يشرع الإمام في إلقاء خطبة واحدة مؤثرة يقف فيها أمام المصلين لتذكيرهم بعظمة الله وقدرته، وتكون هذه الخطبة فرصة عظيمة للدعوة إلى التوبة الجماعية والاستغفار، حيث يربط الإمام بين انحباس المطر وانتشار بعض الذنوب والمعاصي في المجتمع، ويحث الناس على رد المظالم والإكثار من الصدقات وأعمال البر وصلة الأرحام؛ لأن الطاعات من أسباب نزول الرحمات والبركات، بينما المعاصي تجلب القحط والنقمات، وتُعد هذه الخطبة جزءًا لا يتجزأ من مراسم الصلاة، إذ تعزز من روحانية الموقف وتدفع القلوب إلى الخشوع والتذلل بين يدي الله تعالى.
هدي النبي وأهم أدعية طلب المطر في صلاة الاستسقاء
يتمثل هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الاستسقاء في إظهار أقصى درجات التضرع والافتقار إلى الله، ومن السنن العملية التي فعلها الرسول الكريم هي استقبال القبلة أثناء الدعاء في الخطبة، مع رفع اليدين بشكل مبالغ فيه حتى يظهر بياض إبطيه الشريفين، للدلالة على شدة الابتهال والإلحاح في طلب السقيا، ومن الأفعال الرمزية ذات الدلالة العميقة هو تحويل الرداء أو العباءة، حيث يجعل ما على يمينه على شماله، ويقلب الجزء العلوي ليصبح سفليًا، وذلك تفاؤلًا بتغير الحال من الجدب إلى الخصوبة ومن الشدة إلى الرخاء.
ومن الأدعية المأثورة التي يلهج بها اللسان في هذا الموقف العظيم: “اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا”، و”اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا، مريئًا مريعًا، نافعًا غير ضار، عاجلًا غير آجل”، فالدعاء هو جوهر العبادة في صلاة الاستسقاء.
إن تكرار دعوة الملك سلمان لأداء صلاة الاستسقاء يؤكد على أهمية هذه الشعيرة في حياة المسلمين، فهي ليست مجرد طقس ديني، بل هي تجديد للصلة بالخالق وتذكير دائم بأن مفاتيح الرزق والرحمة بيده وحده، وهو ما يعزز التكافل المجتمعي والرجوع إلى الله.