درجات الوعي في الغيبوبة: ماذا تعني أرقام الأطباء في حالة إسماعيل الليثي ومتى تدق ناقوس الخطر؟

درجات الوعي في الغيبوبة: ماذا تعني أرقام الأطباء في حالة إسماعيل الليثي ومتى تدق ناقوس الخطر؟

ما هي الغيبوبة وكيف يكتشف الأطباء الوعي الخفي يظل سؤالاً محورياً في الطب الحديث، خاصة مع حالات مثل الفنان إسماعيل الليثي الذي يرقد في العناية المركزة، حيث يمثل كل تحسن طفيف في مؤشراته الحيوية أملاً كبيراً؛ فبينما يبدو المريض غائباً عن العالم، تكشف الأبحاث الحديثة أن الدماغ قد يخوض صراعاً صامتاً للحفاظ على شرارة الإدراك.

فهم أعمق لما هي الغيبوبة ومسبباتها الرئيسية

تُعرّف الغيبوبة بأنها حالة من فقدان الوعي العميق حيث يعجز الدماغ عن التفاعل مع أي مؤثرات خارجية، سواء كانت سمعية أو بصرية أو جسدية، وهي تعد من أعقد التحديات الطبية وفقاً لتقارير من مؤسسات مرموقة مثل واشنطن بوست وكليفيلاند كلينيك؛ تتعدد أسباب الدخول في هذه الحالة الخطيرة، فقد تنتج عن إصابة مباشرة في الرأس، أو سكتة دماغية تقطع الإمداد الدموي عن أجزاء حيوية من المخ، أو نقص حاد في الأكسجين، كما يمكن أن تكون نتيجة لتسمم دوائي أو اضطرابات أيضية مثل الفشل الكلوي أو الكبدي أو الارتفاع الحاد في سكر الدم؛ وخلال الغيبوبة تتوقف مراكز الوعي والإدراك عن العمل، لكن الوظائف الحيوية الأساسية قد تستمر بفضل نشاط جذع الدماغ، مما يجعل كل دقيقة في عملية التشخيص والعلاج حاسمة لتحديد مسار المريض بين الشفاء أو التلف الدماغي الدائم.

تشخيص الغيبوبة: من مقياس غلاسكو إلى التمييز بين الحالات الحرجة

يعتمد الأطباء على أدوات دقيقة لفهم ما هي الغيبوبة وتقييم عمقها، ويأتي على رأسها مقياس غلاسكو للغيبوبة (GCS)، وهو نظام عالمي موحد يمنح المريض درجة رقمية بناءً على استجاباته الحركية واللفظية وحركة العينين؛ يُستخدم هذا المقياس لمتابعة أي تغير، ولو كان طفيفاً، في حالة المريض العصبية، حيث إن ارتفاع الدرجة بمقدار نقطة واحدة قد يكون مؤشراً إيجابياً على بدء تعافي وظائف الدماغ، ومن الضروري أيضاً التمييز الدقيق بين الحالات المتشابهة ظاهرياً لضمان تقديم الرعاية المناسبة، فهناك فروق جوهرية بين الغيبوبة والحالات الأخرى.

الدرجة على مقياس غلاسكو مستوى الوعي
13 – 15 إصابة طفيفة أو وعي شبه كامل
9 – 12 اضطراب متوسط في الوعي
8 أو أقل غيبوبة شديدة تتطلب دعماً تنفسياً

لفهم الفروق بشكل أوضح، يمكن تقسيم الحالات كالتالي:

  • الغيبوبة: هي فقدان مؤقت للوعي، مع وجود احتمالية للتعافي خلال أيام أو أسابيع.
  • الحالة النباتية المستمرة: يستطيع المريض التنفس وفتح عينيه بشكل تلقائي، لكنه يفتقر تماماً للإدراك أو الوعي بما حوله.
  • الموت الدماغي: هو توقف نهائي وكامل لجميع وظائف المخ، ويعتبر من الناحية القانونية والطبية وفاة.

كيف يكتشف الأطباء الوعي الخفي وما هي بروتوكولات الرعاية؟

لقد فتحت الأبحاث الحديثة أبواباً جديدة للإجابة على سؤال كيف يكتشف الأطباء الوعي الخفي لدى مرضى يبدون في غيبوبة تامة، فباستخدام تقنيات التصوير المتقدمة مثل الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، تمكن العلماء من رصد نشاط دماغي لدى بعض المرضى عند سماعهم أوامر بسيطة، مما يثبت وجود درجة من الإدراك الداخلي؛ تُعرف هذه الظاهرة علمياً باسم “التفكك الحركي المعرفي” (CMD)، وتعني أن عقل المريض قادر على المعالجة الذهنية لكنه حبيس جسد عاجز عن الاستجابة، وهذا الاكتشاف يغير تماماً من قرارات العلاج والتأهيل؛ أما عن بروتوكولات الرعاية، فيبدأ التعامل الفوري مع مريض الغيبوبة بقاعدة “ABC” في الطوارئ، وهي تأمين مجرى الهواء (Airway)، والتنفس (Breathing)، والدورة الدموية (Circulation)، ثم يتم إجراء فحوصات عصبية وتحاليل شاملة لتحديد سبب الغيبوبة، وقد يتطلب الأمر قياس الضغط داخل الجمجمة أو مراقبة النشاط الكهربائي للدماغ، إلى جانب تقديم الدعم الدوائي والغذائي المتكامل.

إن التقدم العلمي يكشف أن حوالي واحد من كل خمسة مرضى في غيبوبة طويلة الأمد قد يحتفظون بوعي داخلي صامت، مما يمنح أملاً جديداً في الحالات التي كان يُعتقد أنها ميؤوس منها؛ فحالة الفنان إسماعيل الليثي، رغم استمرار الغيبوبة، تظهر تحسناً نسبياً في المؤشرات الحيوية، مما يعني أن الصراع داخل دماغه لاستعادة النشاط لم يتوقف بعد، فكل غيبوبة هي معركة دقيقة تخوضها الخلايا العصبية لاستعادة تواصلها مع العالم الخارجي.

كاتبة صحفية متخصصة في مجال التكنولوجيا، تتابع أحدث الابتكارات الرقمية وتبسط المعلومات للقارئ بأسلوب واضح وسهل الفهم.