إن انشغال الإنسان بمرضاة الله يدفعه إلى فعل الخير، وينقذه من الوقوع في الشر والضلال
ألقيت خطبة الجمعة اليوم في الجامع الأزهر، الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد، أستاذ البلاغة والنقد ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، ودار موضوعها حول “خلق التقوى”. وقال: إن قيم الإسلام تربي المجتمعات على الفضيلة، وتصرف الناس عن الشر والعدوان إلى الفضيلة والطاعة، وخير مثال على ذلك جنس العبيد. الأول: بين المسلمين. وقد رفعهم الإسلام عزاً وفضلاً بعد أن كانوا جهلاً وشراً، وذلك بفضل تمسكهم بقيم هذا الدين الحنيف الذي جاء لإعلاء قيمة الإنسان. لأن القيمة الحقيقية للإنسان هي في تمسكه بما جاء من عند خالقه. ولهذا نجد أن من يلتزم بهدي القرآن الكريم وهدي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ينضبط في أقواله وأفعاله وأفعاله ظاهرا وباطنًا، سرا وعلنا. ولذلك فإن معنى التقوى الحقيقي يتمثل فيهم في جميع أعمالهم، كما تجسدت فيهم كل معاني الإيثار.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن التقوى هي ترك الشكوك ومراقبة المخاطر. والتقوى خير هذا الدين وخير ما فيه، لأنه لا يبلغ أحد منزلة الصالحين حتى يتحلى بالتقوى. وإذا شك في شيء محرم تركه وامتنع عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: الحلال بين والحرام بين. بينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن خاف الشبهات فليتبرأ من دينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول منطقة الحمى يوشك أن يرعى. رعيها. إن كل ملك به حمى، وإن الله يحفظ حرماته. إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله. القلب)، فكان أهل التقوى، فاختلط عليهم الأمر، فانصرفوا إلى الحق. وأضاف أن الخطر هو ما يأتي إلى قلب الإنسان، وعندما وقع الخطر الأول على أنفسهم، تابوا ورجعوا إلى ربهم، فيشاهدون أخطار قلوبهم، ولذلك كانوا أشرف الناس وأرفعهم. ولما تركوا العالم جاء عليهم، وأقاموا قلوبهم في الله حقًا، فلم تنكسر قلوبهم، ولم يروا فيه أحدًا إلا الله. حياتهم والعالم لم يكن له أي قيمة بالنسبة لهم.
وأضاف: نحن في أمس الحاجة إلى خلق التقوى حتى تستعيد مجتمعاتنا قيمتها ومكانتها، وذلك بالالتزام بكتاب الله والالتزام بما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. عليه السلام، والاقتداء بأخلاق القدماء الذين ذكرت فضائلهم في التاريخ الإسلامي الحافل بالعلماء وأهل الفضل الذين جسدوا القيم الإسلامية في واقعهم. شهد لهم الناس بحسن خلقهم، وحسن معاملتهم، وحسن علمهم، وحسن عملهم. وقد بلغت التقوى عند أهل العلم حدها، فلا تجد منهم من يجرؤ على الفتوى. إلا بعد أن يتقنها، على عكس ما نراه هذه الأيام من الجرأة على الإفتاء والعلم. وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن القرب من الله ومراقبته في كل فعل وكل فكرة يحدث بها الإنسان نفسه ضمانة ينجيه من الوقوع في الخطأ، لأن انشغال الإنسان بإرضاء الله يمكّنه من الوصول إلى الله. تمكنه من فعل الخير وتنقذه من الوقوع في الشر والضلال، وهذا لا بد منه. لكي تستعيد أمتنا، وخاصة في هذا الزمن، الصفحات المضيئة من حياة هذه الأمة.
أوصى الدكتور. ويتجنب الهدهد التقوى الشكلية التي يظهرها بعض الناس على سبيل التظاهر، وهو ما نلاحظه في قصة الرجل الذي جاء إلى الإمام أحمد بن حنبل. فيقول له: زنيت بامرأة فحملت. فقال له: لماذا لم تنفصل عنها؟ قال: سمعت أن العزلة تكره. قال: «عجباً لسؤالك عن العزلة وتركها، وهي مكروهة!» ولا تسألوني عن الزنا فإنه من كبائر الذنوب! ويجب أن نتعبد الله كما ينبغي، ونحمي أنفسنا من الذنوب والمعاصي، فالمجتمعات لا تبنى إلا بالصلاح، كما أن الله لا يرضى بمبغضته وسوء سلوكنا.
التعليقات