تتناول مضادًا حيويًا أو مكملاً غذائيًا؟ هكذا تحمي جهازك الهضمي من الإسهال.

تتناول مضادًا حيويًا أو مكملاً غذائيًا؟ هكذا تحمي جهازك الهضمي من الإسهال.

تُعد أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية أو المضادات الحيوية مفارقة محيرة للكثيرين؛ فبينما تسعى لتعزيز مناعتك أو الشفاء من عدوى ما، قد يفاجئك جسمك بإشارة إنذار مزعجة، متمثلة في اضطراب هضمي حاد يهدد توازن السوائل والمعادن ويتركك في حيرة من أمرك حول ما يحدث داخل جهازك الهضمي بالفعل.

لماذا تظهر أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية الشائعة؟

إن فهم الآليات التي تعمل بها بعض الفيتامينات والمعادن داخل الجسم هو مفتاح كشف لغز الاضطرابات المعوية المفاجئة، حيث إن العديد من هذه العناصر الأساسية قد تحدث خللاً في توازن امتصاص الماء داخل الأمعاء عند تناولها بجرعات مفرطة؛ مما يجعلها من أبرز أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية، ويأتي فيتامين “سي” على رأس القائمة، فعندما تتجاوز الجرعات اليومية الحد الموصى به وهو حوالي 2000 ملليغرام للبالغين، لا يستطيع الجسم امتصاص الكمية الفائضة، فيقوم بدفعها نحو الأمعاء، مما يؤدي إلى سحب كميات كبيرة من الماء إلى القناة الهضمية، وهي حالة تُعرف بالإسهال التناضحي الذي يجعل عملية الامتصاص الطبيعية شبه مستحيلة.

لا يقتصر الأمر على فيتامين “سي” وحده، فالمغنيسيوم، رغم أهميته الحيوية لوظائف العضلات والأعصاب، قد يتحول إلى مُسبب للإسهال عند الإفراط في تناوله عبر المكملات أو بعض مضادات الحموضة؛ إذ يعمل على إرخاء العضلات الملساء في جدار الأمعاء، مسرّعاً بذلك حركة الفضلات وزيادة تدفق الماء، وبالمثل، فإن الزنك، الذي يلعب دوراً محورياً في دعم المناعة، قد يؤدي ارتفاع تركيزه في الجهاز الهضمي إلى جذب الماء أيضاً وإحداث اضطراب مشابه، مما يرسخ فكرة أن الاعتدال هو أساس الاستفادة من هذه العناصر دون مواجهة آثارها الجانبية المزعجة.

المكمل الغذائي آلية التسبب في الإسهال
فيتامين “سي” السحب التناضحي للماء إلى الأمعاء عند تجاوز الجرعة
المغنيسيوم إرخاء عضلات جدار الأمعاء وزيادة تدفق الماء
الزنك جذب الماء إلى القناة الهضمية عند زيادة تركيزه

هل زيت السمك أحد أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية؟

يلجأ الكثيرون إلى مكملات زيت السمك الغنية بأحماض أوميغا-3 بهدف تحسين صحة القلب والدماغ، لكنهم قد يغفلون عن أن طبيعتها الدهنية العالية قد تكون سبباً مباشراً في حدوث ليونة في البراز، هذا التأثير الملين يجعل زيت السمك من أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية التي قد لا يتوقعها المستخدم، فالدهون تعمل على تليين الفضلات وتسريع وتيرة مرورها عبر الجهاز الهضمي، وعلى الرغم من أن هذا العارض الجانبي يميل إلى التلاشي تدريجياً مع اعتياد الجسم على المكمل، إلا أن استمراره يعد مؤشراً واضحاً على ضرورة مراجعة الطبيب، الذي قد يقترح تعديل الجرعة اليومية، أو تغيير نوع المنتج، أو حتى استكشاف بدائل أخرى للحصول على فوائد أوميغا-3 دون إزعاج.

دور المضادات الحيوية ضمن أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية

عند البحث عن أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية، من الضروري عدم إغفال التأثير القوي للمضادات الحيوية، التي وإن كانت توصف بهدف القضاء على العدوى البكتيرية الضارة، إلا أنها تعمل كسلاح ذي حدين، فهي لا تفرق بين البكتيريا المسببة للمرض والبكتيريا النافعة التي تستوطن الأمعاء وتلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على توازن البيئة المعوية وصحة الهضم، وهذا الخلل يفتح الباب أمام أنواع أخرى من البكتيريا الانتهازية، وأشهرها المطثية العسيرة (C. difficile)، للنمو والتكاثر بشكل خارج عن السيطرة، حيث تفرز هذه البكتيريا سموماً تهاجم بطانة الأمعاء مباشرة، مسببة إسهالاً شديداً قد يكون مصحوباً بآلام حادة في البطن وارتفاع في درجة الحرارة، وتزداد هذه المخاطر مع المضادات الحيوية واسعة الطيف مثل السيفالوسبورينات والبنسيلينات.

إن التعامل الواعي مع العلاج بالمضادات الحيوية يمكن أن يقلل من هذه الأعراض المزعجة، وينصح الخبراء باتباع استراتيجيات داعمة لصحة الأمعاء خلال فترة العلاج وبعدها، وتشمل هذه الإجراءات ما يلي:

  • تناول الزبادي والأطعمة المخمرة الغنية بالبروبيوتيك لتعويض البكتيريا النافعة.
  • استخدام مكملات البروبيوتيك المخصصة بعد استشارة الطبيب لتحديد النوع والجرعة المناسبة.
  • الحرص على تناول المضاد الحيوي مع الطعام إذا كانت التعليمات الطبية تسمح بذلك لتقليل تهيج المعدة.
  • إبلاغ الطبيب فورًا عند ظهور أعراض حادة كالحمى أو آلام البطن الشديدة.

إن فهم أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية والمضادات الحيوية هو الخطوة الأولى نحو إدارة الموقف بفعالية، فالحل لا يكمن دائماً في إيقاف الدواء أو المكمل بشكل فوري، بل في تعديل طريقة الاستخدام، كتوزيع الجرعة اليومية على مرتين أو تناولها بعد وجبة الطعام لتهدئة الجهاز الهضمي، كما أن تجنب المحليات الصناعية، التي لها تأثير ملين معروف، يمكن أن يساعد في تخفيف الأعراض، ويدعم شرب كميات كافية من الماء وتناول أطعمة غنية بالألياف القابلة للذوبان استعادة انتظام حركة الأمعاء.

تبقى استشارة الطبيب أو الصيدلي هي الإجراء الأكثر أماناً وحكمة لتحديد مصدر المشكلة بدقة، خصوصاً إذا استمر الإسهال لأكثر من يومين أو ظهرت عليه علامات الجفاف الخطيرة.

كاتبة صحفية متخصصة في مجال التكنولوجيا، تتابع أحدث الابتكارات الرقمية وتبسط المعلومات للقارئ بأسلوب واضح وسهل الفهم.