أسباب ظهور الكدمات عند مرضى السكري قد تبدو محيرة ومقلقة للكثيرين، خاصة عندما تظهر تلك البقع الزرقاء أو البنفسجية على السيقان والأذرع دون تذكر أي صدمة أو إصابة واضحة، ورغم أن هذه الظاهرة شائعة، إلا أنها ليست عرضًا يجب تجاهله؛ فهي قد تكون مؤشرًا مهمًا على تغيرات عميقة تحدث في الأوعية الدموية الدقيقة أو الأعصاب أو حتى في بنية الجلد نفسه نتيجة للمرض.
كيف ترتبط أسباب ظهور الكدمات عند مرضى السكري بارتفاع الجلوكوز؟
إن العلاقة الأساسية بين داء السكري والكدمات تكمن في التأثير المدمر لارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات طويلة، حيث يؤدي هذا الارتفاع المستمر إلى إضعاف جدران الأوعية الدموية الدقيقة والشعيرات التي تغذي الجلد، مما يجعلها هشة للغاية وأكثر عرضة للتمزق عند التعرض لأدنى ضغط أو احتكاك بسيط، وهذه الهشاشة الوعائية هي التي تفسر بشكل مباشر سهولة تكون الكدمات، فالكدمة في جوهرها ما هي إلا تجمع دموي يحدث تحت سطح الجلد بعد تمزق وعاء دموي دقيق، لكن ما يميز الوضع لدى مريض السكري هو أن عملية الشفاء تكون أبطأ بكثير؛ فضعف الدورة الدموية وتراجع إنتاج الكولاجين، الذي يمنح الجلد قوته ومرونته، يعيقان قدرة الجسم على إصلاح الأنسجة وتجديد الخلايا بالكفاءة المطلوبة، وهو ما يفسر لماذا تبقى الكدمات لفترة أطول لدى مرضى السكري مقارنة بغيرهم، وهذا من أبرز أسباب ظهور الكدمات عند مرضى السكري.
عوامل إضافية تزيد من أسباب ظهور الكدمات عند مرضى السكري
لا يقتصر الأمر على تأثير السكر المباشر على الأوعية الدموية، بل هناك عوامل أخرى تساهم في تفاقم المشكلة، ويأتي على رأسها الاعتلال العصبي المحيطي، وهو تلف يصيب الأعصاب الطرفية ويجعل المريض يفقد الإحساس تدريجيًا في أطرافه، فلا يشعر بالصدمات الخفيفة التي تسبب الكدمة من الأساس، ولا ينتبه لوجودها إلا بعد أن يتغير لونها وتصبح واضحة، كما أن تضرر الأعصاب الحسية يبطئ من إرسال إشارات الألم والإصابة إلى الدماغ، مما يؤخر استجابة الجسم الطبيعية لعملية الإصلاح والشفاء، ولا يمكن إغفال دور أدوات العلاج نفسها، فاستخدام إبر الأنسولين بشكل متكرر أو أجهزة المراقبة المستمرة للجلوكوز قد يسبب رضوضًا موضعية تؤدي إلى كدمات، خاصة عند الحقن في نفس المكان باستمرار أو عدم تغيير الإبر بانتظام، مما يزيد الضغط على الأوعية الدموية تحت الجلد، وهناك ظروف أخرى تزيد من احتمالية حدوث ذلك:
- التقدم في العمر الذي يجعل الجلد أرق وأكثر حساسية.
- تناول بعض الأدوية المسيلة للدم مثل الأسبرين والوارفارين.
- نقص فيتامينات أساسية لصحة الأوعية الدموية مثل فيتامين C وفيتامين K.
- وجود أمراض مصاحبة تؤثر على عملية تخثر الدم، مثل اضطرابات الكبد أو فقر الدم.
وهذه كلها تعتبر من ضمن أسباب ظهور الكدمات عند مرضى السكري التي يجب الانتباه لها.
طرق التعامل مع الكدمات ومتى تستدعي أسباب ظهورها استشارة الطبيب؟
في معظم الحالات، تختفي الكدمات من تلقاء نفسها دون الحاجة لتدخل طبي، ولكن يمكن اتباع بعض الإجراءات البسيطة لتسريع عملية الشفاء وتخفيف الأعراض المصاحبة لها، ففي اليوم الأول من ظهور الكدمة، يساعد وضع كمادات باردة على تقليص الأوعية الدموية وتقليل تسرب الدم إلى الأنسجة المحيطة، بينما يعمل رفع العضو المصاب على تخفيف الضغط وتجمع السوائل، وبعد مرور يومين، يصبح استخدام الكمادات الدافئة أكثر فائدة لتحفيز تدفق الدم وتسريع عملية امتصاص التجمع الدموي، ومن المهم تجنب المسكنات التي تزيد من سيولة الدم، ومعرفة هذه التفاصيل يساعد في فهم أسباب ظهور الكدمات عند مرضى السكري وكيفية التعامل معها.
| الإجراء الموصى به | الإجراء الذي يجب تجنبه |
|---|---|
| استخدام الكمادات الباردة خلال أول 24 ساعة. | تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs). |
| استخدام الكمادات الدافئة بعد 48 ساعة. | الضغط أو تدليك منطقة الكدمة بقوة. |
ومع ذلك، توجد علامات تحذيرية تتطلب مراجعة الطبيب فورًا، فإذا استمرت الكدمة لأكثر من أسبوعين دون أي تحسن ملحوظ، أو كانت مؤلمة بشدة، أو ظهرت معها كتلة صلبة تحت الجلد، أو ترافقت مع نزيف غير مبرر من الأنف أو اللثة، فهذه الأعراض قد تشير إلى وجود مشكلة أعمق في سيولة الدم أو خلل وعائي يستدعي تقييمًا طبيًا دقيقًا لمعرفة أسباب ظهور الكدمات عند مرضى السكري بشكل أعمق.
يؤكد خبراء الغدد الصماء والأمراض الجلدية أن ضبط مستويات السكر في الدم يبقى حجر الزاوية في الوقاية من هذه المشكلة ومضاعفاتها، فعندما يستقر الجلوكوز، تتحسن الدورة الدموية وتستعيد الأنسجة قدرتها على الشفاء، لذا يُنصح بالالتزام بنظام غذائي صحي، وتجنب التدخين، وفحص الجلد يوميًا لرصد أي تغيرات.
