متى يتحول الشغف بالوظيفة إلى “إدمان عمل” يستهلك صحتك الجسدية والنفسية؟

متى يتحول الشغف بالوظيفة إلى “إدمان عمل” يستهلك صحتك الجسدية والنفسية؟

يُعد علاج إدمان العمل وأبرز علاماته موضوعًا حيويًا في عصرنا الحالي، حيث يتلاشى الخط الفاصل بين متطلبات الوظيفة والحياة الشخصية بشكل متزايد، وهذا الشعور القهري بالحاجة إلى مواصلة العمل بعد ساعات الدوام الرسمية، وحتى التضحية بالعطلات والإجازات، دفع خبراء علم النفس إلى تسمية هذه الظاهرة بـ “إدمان هذا القرن”، مما يؤكد على ضرورة فهمها والتعامل معها بجدية.

أبرز علامات إدمان العمل التي يجب الانتباه إليها

إن تشخيص حالة إدمان العمل لا يأتي من فراغ، بل يعتمد على معايير دقيقة وضعها الباحثون لتقييم احتمالية الإصابة بهذه المشكلة السلوكية، حيث يمكن للفرد أن يلاحظ على نفسه مجموعة من المؤشرات التي تدق ناقوس الخطر؛ وهذه المؤشرات ليست مجرد حب للعمل، بل هي سلوكيات قهرية تسيطر على حياة الشخص وتدفعه نحو مسار غير صحي، ويتطلب التعرف عليها وعيًا ذاتيًا كبيرًا لاتخاذ الخطوة الأولى نحو علاج إدمان العمل وأبرز علاماته قبل تفاقم الوضع، ومن أهم هذه العلامات ما يلي:

  • الانشغال الدائم بالتفكير في كيفية إيجاد وخلق المزيد من الوقت لتخصيصه للعمل.
  • قضاء ساعات عمل أطول بكثير مما كان مخططًا له في البداية بشكل متكرر.
  • تجاهل نصائح ومطالبات المقربين بضرورة تقليص ساعات العمل وعدم الاستماع إليهم.
  • الشعور بالتوتر والقلق الشديد في حال تم منعك من ممارسة عملك لأي سبب.
  • تهميش الهوايات والأنشطة الترفيهية والتمارين الرياضية ومنحها أولوية منخفضة بسبب العمل.
  • الانغماس في العمل لدرجة التأثير السلبي الواضح على صحتك الجسدية والنفسية.

وقد لاحظ الخبراء أن هناك سمات شخصية معينة تجعل أصحابها أكثر استعدادًا وتأهبًا للوقوع في فخ إدمان العمل، خاصة لدى فئة الشباب الذين غالبًا ما يكونون الأكثر عرضة لهذه الحالة، ويمكن تلخيص هذه السمات في الجدول التالي:

السمة الشخصية الوصف والتأثير
التوافق يميل مدمنو العمل لكونهم أكثر إيثارًا وطاعة وتواضعًا، مما قد يدفعهم لقبول مهام تفوق طاقتهم.
العصابية غالبًا ما يكونون أكثر عصبية وعدائية وتسرعًا، مما يجعل العمل مهربًا لهم من مشاعرهم.
الفكر والخيال يتمتعون عادةً بحس إبداعي عالٍ وميل فطري للانغماس الكلي في المشاريع التي يعملون عليها.

مخاطر تهددك بسبب إدمان العمل وكيف تؤثر على حياتك

قد يبدو الانغماس الكامل في العمل وعدم القدرة على الانفصال عنه أمرًا إيجابيًا في البداية، حيث يوهم الفرد بزيادة إنتاجيته وتحقيق إنجازات أكبر، لكن هذه الصورة البراقة سرعان ما تتلاشى لتكشف عن وجهها المظلم، فمع مرور الوقت؛ تبدأ الإنتاجية الفعلية في الانخفاض نتيجة الإرهاق المستمر، وتنهار العلاقات الاجتماعية والأسرية بسبب الإهمال، كما يتراكم الضغط النفسي ليتحول إلى قلق مزمن واكتئاب، والأخطر من ذلك هو أن إدمان العمل يفتح الباب أمام مخاطر صحية جسيمة نتيجة إهمال الجسد مقابل الاهتمام بالمهام الوظيفية، مما يجعل البحث عن علاج إدمان العمل وأبرز علاماته ضرورة ملحة وليست رفاهية.

خطوات فعالة نحو علاج إدمان العمل واستعادة التوازن

يجب التعامل مع إدمان العمل باعتباره حالة نفسية جادة تستدعي التدخل والعلاج المتخصص لاستعادة السيطرة على الحياة، ويُعد طلب المساعدة من معالج نفسي متخصص خطوة حاسمة في هذا الطريق؛ حيث يتضمن العلاج عادةً تعلم استراتيجيات فعالة للانفصال الذهني والجسدي عن بيئة العمل، وإيجاد طرق عملية لإعادة بناء وتقوية الروابط مع الأسرة والأصدقاء، ويعتبر هذا التدخل المهني جزءًا لا يتجزأ من مسار علاج إدمان العمل وأبرز علاماته لأنه يوفر الدعم والأدوات اللازمة للتغيير المستدام، ويساعد الفرد على فهم الأسباب الجذرية التي تدفعه لهذا السلوك القهري.

إلى جانب المساعدة المتخصصة، يلعب الوعي الذاتي دورًا محوريًا في التغلب على ميول إدمان العمل، لذلك من المهم أن تبدأ بمراقبة الوقت الذي تخصصه لعملك بصدق، وأن تنتبه جيدًا للحظات التي تبدأ فيها حياتك المهنية في التسبب بمشكلات حقيقية في حياتك الشخصية، ومن هنا تنطلق أهمية الحصول على إجازات منتظمة وفصل حقيقي عن كل ما يتعلق بالوظيفة، ووضع حدود صحية وواضحة لتحقيق توازن حقيقي بين العمل والحياة يمنعك من الانزلاق مجددًا في دائرة الإدمان.

كاتبة صحفية متخصصة في مجال التكنولوجيا، تتابع أحدث الابتكارات الرقمية وتبسط المعلومات للقارئ بأسلوب واضح وسهل الفهم.