تتخذ أزمة الكتب المدرسية في ليبيا منحى قضائيًا خطيرًا بعد أن تحولت من مجرد إخفاق إداري إلى قضية فساد كبرى، حيث أعلنت السلطات عن توقيف وزير التربية والتعليم المكلّف على ذمة التحقيق، مما يلقي بظلال كثيفة على مستقبل ملايين الطلاب الذين حُرموا من حقوقهم التعليمية الأساسية مع انطلاق العام الدراسي الجديد.
تفاصيل التحقيق في أزمة الكتب المدرسية في ليبيا وتهم الفساد
أصدر مكتب النائب العام بيانًا رسميًا أكد فيه قرار الحبس الاحتياطي بحق الوزير علي العابد، الذي كان يتولى تسيير وزارة التربية والتعليم بحكومة الوحدة الوطنية بالإضافة إلى إدارته لمركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية، حيث كشفت التحقيقات الأولية في إجراءات التعاقد على طباعة الكتب المدرسية للعام الدراسي 2025/2026 عن وجود أنماط ممنهجة من سوء الإدارة والإهمال المالي الجسيم، وقد وُجهت للوزير تهم محددة أضرت بالصالح العام وبددت ثقة المواطنين في المؤسسة التعليمية، وهذا الإجراء القضائي يأتي كاستجابة مباشرة لتفاقم أزمة الكتب المدرسية في ليبيا التي أثرت بشكل سلبي على نحو مليوني طالب لم يتسلموا كتبهم في المواعيد المقررة ضمن الاستراتيجية الوطنية للتعليم، وتضمنت الاتهامات الرئيسية التي أدت إلى هذا القرار ما يلي:
- الإضرار المتعمد بالمصلحة العامة.
- الإخلال الصريح بالحق في التعلم المكفول للطلاب.
- التقصير الإداري والمالي في إدارة ملف الطباعة.
ويأمل الشارع الليبي أن تكون هذه الخطوة بداية حقيقية لمحاسبة المسؤولين عن هذا التقصير الذي تسبب في تعطيل المسيرة التعليمية.
تداعيات أزمة الكتب المدرسية في ليبيا على الطلاب والأهالي
لم تقتصر الآثار السلبية لهذا الإخفاق الإداري على الجانب الرسمي فقط، بل امتدت لتطال كل أسرة ليبية لديها أبناء في مراحل التعليم المختلفة، حيث تسببت أزمة الكتب المدرسية في ليبيا بتأخير انطلاق العام الدراسي لمدة شهرين تقريبًا، ليبدأ في العشرين من أكتوبر بدلًا من موعده المعتاد، ورغم بدء الدراسة ظل أكثر من 2.5 مليون طالب وطالبة بدون كتبهم المقررة، مما وضع أولياء الأمور في موقف صعب للغاية، فقد اضطروا لتحمل تكاليف إضافية لطباعة وتصوير المناهج على نفقتهم الخاصة لضمان عدم تخلف أبنائهم عن الركب، وهذا الوضع يتناقض تمامًا مع حقيقة أن الكتب المدرسية تُوزع مجانًا في جميع المدارس الحكومية من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية، وتُرصد لها اعتمادات مالية ضخمة سنويًا ضمن ميزانية الدولة، مما يضاعف من حجم الشعور بالاستياء والغضب لدى المواطنين.
سوابق قضائية في أزمة الكتب المدرسية في ليبيا ومصير الوزير السابق
إن توقيف الوزير الجديد ليس حادثة معزولة، بل هو حلقة جديدة في مسلسل متكرر من الإخفاق والفساد المرتبط بملف التعليم، حيث يأتي هذا القرار بعد سبعة أشهر فقط من صدور حكم قضائي بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف على الوزير السابق موسى المقريف في قضية مماثلة تعود إلى عام 2021، وقد أُدين المقريف حينها بالفشل في تنفيذ خطة طباعة وتوزيع الكتب، مما يؤكد أن أزمة الكتب المدرسية في ليبيا أصبحت ظاهرة هيكلية تتطلب حلولًا جذرية وليست مجرد تغييرات شكلية، ويتطلع أولياء الأمور بقلق وأمل إلى نتائج التحقيقات الجارية، على أمل أن تؤدي هذه المرة إلى محاسبة حقيقية لكل المقصرين وتضع حدًا نهائيًا لهذه الأزمة التي تتكرر سنويًا، خاصة في بلد يعاني بالفعل من بنية تحتية تعليمية هشة وانقسام إداري حاد بين حكومتين متنافستين.
ينظر المجتمع الليبي إلى هذه القضية باعتبارها اختبارًا حقيقيًا لجدية السلطات في مكافحة الفساد، وضمان حقوق الأجيال القادمة في الحصول على تعليم جيد ومستقر، بعيدًا عن الصراعات الإدارية والسياسية التي تعصف بالبلاد.
