متعة الخوف.. كيف تحفز أفلام الرعب دماغك على إفراز هرمونات السعادة؟

متعة الخوف.. كيف تحفز أفلام الرعب دماغك على إفراز هرمونات السعادة؟

تأثير أفلام الرعب على الدماغ والجسم ليس مجرد شعور عابر بالخوف، بل هو تجربة فسيولوجية وعصبية معقدة تبدأ في اللحظة التي تومض فيها الشاشة بمشاهد غريبة؛ فعلى الرغم من أن عقولنا تدرك أن ما نراه خيال مصوَّر، تتعامل أجسادنا مع التهديد وكأنه حقيقي تمامًا، وهذه المفارقة بين الوعي ورد الفعل الجسدي هي ما يجعل هذه التجربة مثيرة وغامضة.

وفقًا للتقارير العلمية، تستطيع أفلام الرعب إيقاظ مناطق بدائية في الدماغ مسئولة عن ردود الفعل الغريزية، مثل الهروب أو القتال، وفي تلك اللحظات لا يستطيع المخ التمييز بين الخطر الفعلي والمشهد السينمائي؛ فيطلق سلسلة معقدة من الإشارات العصبية والهرمونات التي تعيد برمجة إيقاع الجسم بالكامل، بدءًا من نبضات القلب المتسارعة وصولًا إلى توتر العضلات والتعرق المفاجئ، وهذا يفسر لماذا نشعر بتلك القشعريرة التي تسري في أجسادنا، حيث إن تأثير أفلام الرعب على الدماغ والجسم يغوص عميقًا في جذورنا البيولوجية.

كيف يفسر تأثير أفلام الرعب على الدماغ والجسم غريزة البقاء؟

يحتوي الدماغ البشري على جزء صغير لكنه قوي يعرف باسم “اللوزة الدماغية”، وهي بمثابة مركز التحكم في معالجة الخوف؛ فعندما يظهر مشهد مرعب على الشاشة، يتم تفعيل هذه المنطقة بشكل فوري، لترسل أوامر عاجلة إلى الجسم للاستعداد لمواجهة خطر وشيك، وهذه الاستجابة لا تأتي من فراغ، بل هي امتداد لآلية دفاعية قديمة تطورت لدى أسلافنا على مدى آلاف السنين لمواجهة الحيوانات المفترسة والأخطار الطبيعية، لذا فإن تأثير أفلام الرعب على الدماغ والجسم يعيد إحياء هذه الغريزة، جاعلًا قلوبنا تتسارع وعضلاتنا تتوتر، ويزداد تدفق الدم إلى الأطراف استعدادًا للهروب، ورغم أن التهديد اليوم هو مجرد فيلم، فإن دماغنا البدائي لا يزال يتعامل معه بالجدية نفسها.

التغيرات الفسيولوجية: تفاصيل تأثير أفلام الرعب على الدماغ والجسم

عندما نتعرض لمشهد عنيف، يمر الجسم بسلسلة من التغيرات الدراماتيكية التي تشبه خوض مجهود بدني حقيقي؛ إذ تشير الدراسات إلى أن معدل نبضات القلب قد يقفز بما يصل إلى عشر نبضات أو أكثر في الدقيقة، ويصاحب ذلك إفراز كميات كبيرة من هرمون الأدرينالين الذي يضاعف الشعور بالتوتر والانتباه ويحفز الدورة الدموية، وتعتبر هذه الحالة الفسيولوجية هي السر وراء شعور المشاهد بالاندماج الكامل مع أحداث الفيلم، وكأنه يعيشها بنفسه، ورغم وعيه بأنها ليست حقيقية، يظل تأثير أفلام الرعب على الدماغ والجسم قويًا، وهذه الاستجابة الجسدية المباشرة تحدث حتى في بيئة آمنة تمامًا.

  • تسارع نبضات القلب بشكل ملحوظ.
  • تنشيط الغدد العرقية استجابةً للجهاز العصبي الودي.
  • زيادة تدفق الدم إلى العضلات والأطراف.
المؤشر الحيوي الحالة الطبيعية أثناء مشاهدة مشهد رعب
معدل نبضات القلب 60-100 نبضة/دقيقة يرتفع بمقدار 10 نبضات أو أكثر

الجانب النفسي من تأثير أفلام الرعب على الدماغ والجسم

لا يقتصر الأمر على ردود الفعل الجسدية، بل يمتد ليشمل جوانب نفسية وعصبية عميقة، فعندما يتماهى المشاهد مع بطل الفيلم، ينشأ ما يسمى بـ”التعاطف العصبي”؛ حيث تُحفز مناطق في الدماغ تحاكي ما يراه على الشاشة، وتُعرف هذه الحالة علميًا بالتشغيل المرآوي العصبي، وهي ما تجعلنا نشعر بتوتر عضلي أو رغبة في الحركة عندما يختبئ البطل، وهذا الانغماس يوضح مدى قوة تأثير أفلام الرعب على الدماغ والجسم، وعلى الرغم من هذا التوتر، يرى علماء النفس أن هذه التجربة قد تكون مفيدة، فهي تمنحنا فرصة لتفريغ المشاعر المكبوتة في بيئة آمنة، كما تساعد على تدريب الدماغ للتحكم في الانفعالات، مما يفسر شعور البعض بالراحة بعد انتهاء الفيلم.

السر في الاستمتاع بهذه التجربة يكمن في التوازن؛ فالتعرض المعتدل يمكن أن يكون محفزًا وممتعًا، بينما الإفراط قد يسبب إجهادًا عصبيًا وكوابيس متكررة، لذلك يُنصح بتجنبها في حالات القلق أو قبل النوم مباشرة، حيث يكون الدماغ أكثر حساسية للتأثر بالمشاهد القوية، وهذا التفاعل ليس مجرد استجابة نفسية، بل هو تجربة عصبية كاملة تستدعي ماضٍ بدائي محفور في طبيعتنا.

كاتبة صحفية متخصصة في مجال التكنولوجيا، تتابع أحدث الابتكارات الرقمية وتبسط المعلومات للقارئ بأسلوب واضح وسهل الفهم.