كوابيس وقلق مستمر.. كيف تدمر أفلام الرعب “الكرتونية” الصحة النفسية لطفلك؟

كوابيس وقلق مستمر.. كيف تدمر أفلام الرعب “الكرتونية” الصحة النفسية لطفلك؟

إن تأثير أفلام الرعب على نفسية الأطفال يمتد إلى ما هو أبعد من مجرد لحظات خوف عابرة أثناء المشاهدة؛ فمع كل موسم هالوين تتجه أنظار الصغار بفضول نحو عوالم الأشباح والمنازل المسكونة، وهو ما يبدو ترفيهًا بريئًا للوهلة الأولى، لكنه في الحقيقة يترك بصمات عميقة قد تستمر معهم خلال مراحل نموهم اللاحقة.

وفقًا لتقرير نشره موقع Marquette Wire، فإن هذه النوعية من الأفلام، حتى المصنفة كعائلية (PG)، قادرة على زرع صور مزعجة في ذاكرة الصغار لسنوات طويلة؛ فأفلام مثل “كورالاين” و”بيت الوحش” تمزج ببراعة بين البراءة والظلام بطريقة تربك الطفل الذي لم يطور بعد آليات الدفاع النفسي أو أدوات التمييز الواضحة بين ما هو حقيقي وما هو مجرد خيال، مما يضاعف من تأثير أفلام الرعب على نفسية الأطفال في هذه المرحلة العمرية الحساسة.

كيف يؤثر الخوف من أفلام الرعب على نفسية الأطفال بشكل مختلف؟

يؤكد الأطباء النفسيون أن عقل الطفل لا يفلتر المشاهد المزعجة بنفس الطريقة التي يفعلها البالغون؛ فالطفل لا يرى مشهدًا تمثيليًا، بل يعيش التجربة وكأنها تهديد حقيقي ومباشر له، وهذا ما يفسر لماذا يمكن لصور الكائنات المشوهة أو الأصوات الحادة المفاجئة أن تحفز استجابات جسدية ونفسية حادة تشبه نوبات القلق أو الذعر الليلي، الأمر الذي يوضح خطورة تأثير أفلام الرعب على نفسية الأطفال غير المهيأة لمثل هذا المحتوى. توضح أخصائية علم النفس السريري ناتالي سكانلون أن التعرض المبكر لمشاهد العنف أو الرعب قد يؤدي إلى أعراض تشبه اضطراب ما بعد الصدمة، خصوصًا لدى الأطفال الأصغر سنًا؛ فالدماغ في هذه المرحلة لا يزال في طور النمو، وأي محفز بصري قوي قد يترك ما يشبه “بصمة” عصبية دائمة تربط بين الأمان والخوف، وهذا ما يجعل تأثير أفلام الرعب على نفسية الأطفال قضية تتجاوز الترفيه اللحظي.

ذاكرة الخوف: لماذا يبقى تأثير أفلام الرعب على نفسية الأطفال طويلاً؟

الخط الفاصل بين التشويق الآمن والرعب المؤذي غالبًا ما يكون غير واضح في السينما الموجهة للصغار؛ فبعض صناع الأفلام يستخدمون عناصر بصرية صادمة بهدف إثارة الفضول، لكنهم يتجاهلون أن ذاكرة الخوف أقوى من الترفيه العابر، وقد أظهرت دراسة حديثة نتائج مقلقة حول استمرارية تأثير أفلام الرعب على نفسية الأطفال حتى مرحلة البلوغ.

الفئة المستهدفة بالدراسة النتيجة الرئيسية
طلاب جامعات شاهدوا أفلام رعب في طفولتهم ربع المشاركين (25%) ما زالوا يعانون من آثار نفسية سلبية

تدعم هذه النتائج فكرة أن الخوف الذي لا تتم معالجته في الطفولة لا يختفي ببساطة؛ بل يعاد إنتاجه في مراحل لاحقة من النمو على هيئة أعراض مختلفة، وهو ما يؤكد على عمق تأثير أفلام الرعب على نفسية الأطفال، وتشمل هذه الأعراض اللاحقة ما يلي:

  • اضطرابات النوم وصعوبة الخلود إليه.
  • الكوابيس المتكررة التي تعيد إنتاج المشاهد المخيفة.
  • القلق المزمن والشعور بعدم الأمان في مواقف عادية.

يكمن الخطر الأكبر في الرسائل الضمنية التي تحملها هذه الأفلام؛ فعندما يربط الطفل شخصيات أو أماكن آمنة مثل الأم أو المنزل بالتهديد والخطر، فإن هذا الترابط يصبح جزءًا من بنيته الإدراكية، مما قد يؤثر على سلوكه الاجتماعي وثقته بالآخرين؛ فالأطفال بحاجة ماسة إلى “خاتمة آمنة” تطمئنهم بأن ما شاهدوه كان مجرد خيال، لكن معظم هذه الأفلام تترك النهاية مفتوحة، فتُبقي الخوف معلقًا في اللاوعي.

دور الأسرة في تقليل تأثير أفلام الرعب على نفسية الأطفال

لا تقتصر مسؤولية الوالدين على مجرد اختيار ما يعرض على الشاشة؛ بل تمتد لتشمل الحوار الفعال بعد المشاهدة، فالطفل يحتاج إلى من يساعده على تفسير الرموز وفهم المشاهد في سياقها الصحيح كعمل فني خيالي، وينصح الخبراء بتجنب عرض أي محتوى مخيف قبل النوم مباشرة أو عندما يكون الطفل بمفرده، لأن الدماغ في هذه الأوقات يكون أكثر استعدادًا لترسيخ الصور المقلقة في الذاكرة طويلة الأمد، وهو ما يتطلب وعيًا كبيرًا لإدارة تأثير أفلام الرعب على نفسية الأطفال بفعالية.

إن الرعب بحد ذاته عنصر جذب يثير فضول الأطفال ويدفعهم لتحدي مخاوفهم؛ لكن المشكلة تبدأ حين يتحول اللعب بالخوف إلى تجربة نفسية مربكة، فالحل يكمن في المراقبة الواعية والمشاركة في المشاهدة، حيث يمكن تحويل الفيلم إلى فرصة للحوار عن الشجاعة بدلًا من ترك الطفل فريسة لكوابيسه، فاللقطة المسلية للكبار قد تكون مصدر رعب حقيقي للصغار.

كاتبة صحفية متخصصة في مجال التكنولوجيا، تتابع أحدث الابتكارات الرقمية وتبسط المعلومات للقارئ بأسلوب واضح وسهل الفهم.